ابراہیم ابو الانبیاء
إبراهيم أبو الأنبياء
اصناف
قلنا في مقدمة هذا الكتاب: إن الشك في وجود إبراهيم لا يستند إلى سبب؛ لأن الغرائب والخوارق لم تبطل وجود شيء قط، ومنها أثبت ما في السماء؛ وهو الشمس، وأثبت ما في الأرض من صنع الإنسان؛ وهو الهرم الأكبر.
ويحق لنا بعد ما قدمناه أن نقول على الأقل: إن أسباب الثبوت أقوى من أسباب الشك جميعا إن كانت له أسباب.
الفصل السادس عشر
العصر
معظم المنقبين يعينون تاريخ إبراهيم في زمن متوسط بين أوائل القرن الثامن عشر وأواخر القرن التاسع عشر قبل الميلاد، ويجعلونه معاصرا لدولة الرعاة في مصر ودولة العموريين في العراق.
وولادة الخليل في هذه الفترة ترجحها الكشوف والأحافير، كما ترجحها النتائج التي تمثلت في سيرته عليه السلام، وكلها دلائل على تنازع السيطرة، وتنازع العقائد، واضطراب الأمور، والاضطرار إلى الرحلة الدائمة من أور إلى آشور إلى فلسطين إلى مصر إلى بيت المقدس ثم إلى صحراء الجنوب.
وتقترن زلازل الطبيعة وزلازل السياسة، فلا يستقر لأحد من المقيمين في ديارهم قرار، فضلا عن القبائل الرحل في طلب المرعى وطلب الأمان.
سقطت دولة بابل وغلبتها عليها قبائل عيلام من الشرق وقبائل عمور من الغرب، وعاش العموريون والعيلاميون تارة في قتال، وتارة في حلف مزعزع؛ خوفا من دولة الآشوريين في الشمال.
وسقطت دولة مصر وغلبتها قبائل الرعاة، ثم بقيت على خوف وحذر من الشرق ومن فراعنة الجنوب الذين احتفظوا بعروشهم في الصعيد.
وليس أشقى من حياة العشائر الصغيرة بين هذه القلاقل وهذه المنازعات، التي يشترك فيها المغامرون من أبناء العشائر الكبرى وهم يزحفون للسيطرة على الدول كلما سنحت لهم الفرصة العاجلة، ولا يقنعون بالتحول من بقعة إلى بقعة طلبا للمراعي والأمان.
نامعلوم صفحہ