113

Ibn Taymiyyah: His Life and Times, Opinions and Jurisprudence

ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه

ناشر

دار الفكر العربي

وطلب بنفسه قراءة وسماعا من خلق كثير، وشيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ)).

١١٩- تلقى على الرجال مالا يؤخذ إلا بالسماع، وهو الحديث، ليسند روايته إلى من قرأ عليه، وتلقى قبل ذلك أوائل العلوم على شيوخ تخصصوا فيها، ودربوا عليها، فعلم العربية على شيوخها، والمنطق على شيوخه، والتفسير على شيوخه، والفقه الحنبلي على شيوخه، وهكذا،

وكان مع ذلك يحضر المحافل والمجامع فيستمع إلى مساجلات العلماء، وجاوبات الأدباء ومحاضرات ذوي الفكر الثاقب التي كانوا يلقونها في المساجد الجامعة، أو في المدارس.

هذا في المجالس العامة، والمحافل الجامعة. أما في المجتمعات الخاصة فكان بيته لمنزلة أبيه في العلم، ومكانته بين الفقهاء ورياسته لمشيخة الحديث، مجتمعاً علمياً خاصاً، يستمع فيه إلى أدق المسائل النظرية، والحقائق العلمية مدققاً موازناً بين غثها وسمينها ضعيفها وقويها بعقل ذكي أريب، وقلب فتى مجيب، يردد ما يسمعه ويمحصه.

ولذلك كان يستفيد من كل العلماء الذين كانوا بمدينة دمشق، أو يفدون إليها، أو يمرون عليها، ويغشى مجالسهم مستمعاً مستفيداً مميزاً، غير هاضم إلا ما يستسيغه العقل ويوافق الأثر.

١٢٠- حتى إذا شدا في العلوم، وتكون له محصول، اتجه إلى الطلب بنفسه فتلقى عن شيوخ لم يلقهم، وعلماء تباينت أقاليمهم، واختلفت مناحي تفكيرهم، فأخذ يدرس بنفسه في الكتب، ويتلقى علم الأولين، متعمقاً في كل علم، ابتدأ بعد السنة بالتفسير أخذ يجمع أشتاته، ويدرس القرآن على ضوء ما أثر من تفسير له، ولا يقبل إلا ما يستقيم عليه إدراكه المستقيم، وكان معنيّاً بجمع أقوال المفسرين الذين يتمسكون بما يقرر السلف، وقد جاء في الكواكب الدرية

112