في علم الكلام
في هذا العلم نجد واضحا كل الوضوح تطبيق الشيخ رحمه الله لمنهجه العام في إثبات العقائد الدينية، مثل وجود الله وحدوث العالم عنه، ووجوب صفات الكمال، وصلة العبد بربه وما يجب الإيمان به من القضاء والقدر، على غير ذلك من العقائد التي لا يبينها ولا يستدل لها إلا بالقرآن والسنة، مع الميل والاستئناس بالصحيح من آثار السلف الصالح.
وهو بذلك يبعد عن هذا العلم كل ما أدخله فيه رجاله من العناصر الفلسفية؛ ولهذا ينتقدهم بشدة كما ينتقد المناطقة والفلاسفة ومنهم الغزالي؛ لأنهم أدخلوا في أصول الدين ما لم يأذن به الله العليم الحكيم، وأوقعوا الناس في شبهات وضلالات جعلتهم ينحرفون عما جاء به كتاب الله وسنة رسوله
صلى الله عليه وسلم .
إنه يذكر في بعض كتبه
14
أن الرسول بين أصول الدين الحق (وهذه الأصول هي موضوع علم الكلام) الذي أنزل به كتابه أحسن بيان، وأنه دل الناس وهداهم إلى الأدلة العقلية والبراهين اليقينية التي بها يعلمون إثبات ربوبية الله ووحدانيته وصفاته، وصدق رسوله، وغير ذلك مما يحتاج إلى معرفته، وكان بيانه لذلك بالأدلة النقلية السمعية والأدلة العقلية أيضا في مواطن الحاجة.
ثم يقول بعد هذا: «بل الكتاب والسنة دلا الخلق وهدياهم إلى الآيات والبراهين والأدلة المبينة لأصول الدين، وهؤلاء المغالطون (يريد رجال علم الكلام من الجهمية والمعتزلة والأشعرية ونحوهم) الذين أعرضوا عما في القرآن من الدلائل العقلية والبراهين اليقينية، صاروا - إذ صنفوا في أصول الدين - أحزابا يتكلمون في جنس النظر وجنس الدليل وجنس العلم بكلام اختلط فيه الحق بالباطل ...»
15
ولذلك تراه في رسالته المسماة «العقيدة الواسطية» يشرح ما يجب الإيمان به من العقائد الدينية، ويتكلم عنها وعن أدلتها بإجمال، ولا يلجأ فيما يقول إلا إلى الكتاب والسنة، سواء في هذا الإيمان بالله وصفاته، والإيمان بكتابه واليوم الآخر وأحواله، والإيمان بقضاء الله وقدره، والإيمان بكرامات الأولياء وشفاعة الرسول.
نامعلوم صفحہ