وفى سنه 720 ه اريقت الخمور في خندق قلعه المدينه السلطانيه! واحرقت الظروف، وذلك انه وقع برد كبار اهلك المواشى، واعقبه سيل مخوف، فسال السلطان الفقهاء عن سببه، فقالوا: من الظلم والفواحش. فابطل الحانات في مملكته، وابطل مكس الغله الذى كان يثقل كاهل الناس.
وبين الفقر والجهل تخيم الاجواء الخصبه للخرافات والاباطيل، فالناس عندئذ اشد تعلقا بها من تعلقهم بحقائق الدين المسنده، ففتح بذلك باب جديد للتكسب كان ضحيته السذج على الدوام.
وتواترت اخبار العوام برويه المنامات، وكثره الظواهر، وتحدثوا بقيام الزمنى والمرضى وفتح اعين الاضراء عند قبور اكتشفوها في المنامات، ونقل قوم عن قوم اشياء لا اصل لها غير اهويه العوام، وبطل الناس من معايشهم واشغالهم بسبب ذلك، وزعم احدهم انه راى في منامه ما يدل على ظهور قبر احد الصالحين فهرع الناس اليه وكشفوا التراب عنه فوجدوه صبيا مقتولا وفى جيبه كعاب كان يلعب بها فعرفه ابوه وقال: هذا ولدى فقدته منذ ايام!.
وترقى الخيال ببعض المتكسبين، فادعوا علم النجوم، ورسموا تقاويم كتبوا عليها احكاما بحسب الابراج، فمنعتهم السلطه من ذلك سنه 718 ه. وشاء الله ان يبير تجارتهم فاشاعوا ان الشمس ستكسف في دمشق في الساعه السابعه بعد الظهر من يوم الخميس الثامن والعشرين من ربيع الاخر سنه 726 ه ، وذكروا ان ذلك ثابت في جميع التقاويم وانه حساب لا يخرم. فتهيا الناس للصلاه فلم تنكسف الشمس، بل انكسف المنجمون!.
وفى اجواء الفقر والبلبله يكثر اللصوص وقطاع الطرق، وفى تلك السنين قطع طريق الحاج مرات عديده.
والى جانب ذلك كانت طبقات منعمه في ظل وارف لا تمسهم سموم الفقر ولا يجدون ريحه، اولهم السلطان والمقربون اليه، ثم الولاه والامراء ونوابهم، ولكل واحد منهم حاشيه تحرس بابه وتاكل على سماطه، وكان هولاء يمثلون قمه نظام اقطاعى سنوه لانفسهم.
صفحہ 20