ولا يدل هذا على أنه كان متقيدا بمذهب أستاذ أو أكثر من أستاذ من هؤلاء الأسلاف الفكريين والروحيين؛ لأنه كان يعارضهم كما كان يجاريهم ويوافقهم، وكانت أكثر معارضاته لهم فيما بينهم وبين الدين من خلاف، فلم يكن لمذهبه الفلسفي من حدود غير العقيدة الدينية، وهي صحيحة عنده في جوهرها الأصيل لا خلاف بينها وبين القضايا العقلية في غير الظواهر والعروض ...
وهذه هي خلاصة الحلول التي ارتآها ابن سينا لمشكلات الفلسفة الإلهية كما أجملناها فيما تقدم.
العالم
عند ابن سينا - كما عند أرسطو - أن المادية الأولية والصورة والعدم هي الأصول الثلاثة التي تصدر عنها كل الأجسام الطبيعية، والعالم مخلوق لم يحدث في زمان.
يقول ما فحواه: إن هذه الكائنات إما أن تكون «ممكنة الوجود جميعا» وإما أن تكون جميعها واجبة الوجود.
ومحال أن تكون ممكنة الوجود جميعا؛ لأن الممكن يحتاج إلى علة تخرجه من حيز الإمكان إلى حيز الفعل.
ومحال أن تكون واجبة الوجود جميعا؛ لأنها بين متحركة تحتاج إلى محرك، وبين مركبة تحتاج إلى علة لتركيبها، ولا بد أن تسبقها أجزاؤها.
فهي إذن بعض ممكن الوجود.
وبعض واجب الوجود.
وواجب الوجود هو الذي لا نتصور عدمه؛ لأن عدمه يوقعنا في المحال.
نامعلوم صفحہ