وبالجملة لا نشوء ولا كون لكل ما مزاجه شبيه بمزاجه كالدم. وجميع الكائنات التي توجد في هذا الوقت فقد يجب ضرورة أن يكون حارا رطبا، ويكون معتدلا؛ لأنه وسط بين الصيف والشتاء.
وكون الفصول لا توجد إلا أربعة وكذلك الأخلاط على أن الأمزجة أربعة، أعني المركبة.
ولو وجد مزاج معتدل بمعنى أن الأسطقسات (العناصر) فيه متساوية، لما وجد لهذا المزاج فعل منسوب إلى الكيفيات الأول، وكانت له صورة واحدة. (4) ابن رشد الفقيه
وابن رشد الفقيه كابن رشد الطبيب، وابن رشد الفيلسوف، محصل يحيط بموضوعه ويستقصي الأكثر الأهم من أصوله وفروعه، وقد كان على مذهب الإمام مالك كأكثر أهل المغرب، ولكنه كان يتتبع المذاهب في المسائل الخلافية، وله كتاب في الفقه سماه: «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» يدل اسمه على منحاه في التأليف؛ فإنه نافع للمبتدئين المجتهدين وللمحصلين المتوسعين، وقد ذكر ابن أبي أصيبعة وغيره كتاب المقدمات في الفقه بين كتب ابن رشد الحفيد، وهو خطأ يسهل التنبه إليه لمن ألقى نظره على الكتابين؛ إذ هما في موضوع واحد على نسق متقارب من التوسط بين الإسهاب والإيجاز، ومن المستبعد أن يشتغل مؤلف واحد بوضع كتابين في موضوع واحد على هذا المثال. وقد ترجم المقري لابن رشد الجد في كتاب «أزهار الرياض في أخبار عياض»، وذكر من تواليفه كتاب المقدمات لأوائل كتب المدونة، وكان ابن رشد الحفيد يشير في «بداية المجتهد» إلى كتاب المقدمات فيقول: «كما حكاه جدي رحمة الله عليه في المقدمات»، فهو على التحقيق من مؤلفات الجد لا من مؤلفات الحفيد.
ونحن ناقلون هنا كلامه في القضاء على سبيل المثال لإحاطته وتدوينه ورأيه في مهام عمله.
قال في كتاب «الأقضية» من «بداية المجتهد»:
والنظر في هذا الباب فيمن يجوز قضاؤه، وفيما يكون به أفضل، فأما الصفات المشترطة في الجواز فأن يكون حرا مسلما بالغا ذكرا عاقلا عدلا.
وقد قيل في المذهب: إن الفقه يوجب العزل ويمضي ما حكم به.
واختلفوا في كونه من أهل الاجتهاد؛ فقال الشافعي: يجب أن يكون من أهل الاجتهاد. ومثله حكى عبد الوهاب
11
نامعلوم صفحہ