108

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

ناشر

دار الفكر العربي

پبلشر کا مقام

القاهرة

وبقيت إلى الآن تقرأ - تمتاز بسلامة التعبير وجودة التصوير، حتى كتب الفقه والأصول والقراءات كلها لا تخلو من جمال في التعبير مع التحقيق العلمي فكانت بين لغة العلم الجافة ولغة الآداب، ولو وزنت الكتب التي أُلِّفت في القرن الخامس والسادس الهجريين، مع مثلها في كتب المشرق لتبين الفرق في الجملة بين الأسلوبين.

١٢٩ - وهناك عنصر اجتماعي في الأندلس لم يكن في بلد من البلاد الإسلامية بمقدار ما كان فيه، وهو ظهور نساء كثيرات من الأديبات والشاعرات، حتى يكاد القارئ عندما يطلع على أخبارهن يظن أن هذا البلد الأمين قد رق طبع أهله، وحسن ذوقه، إلى درجة أن كل من فيه كان شاعراً وناثراً، فالشعر يجري على ألسنة النساء كما يجري على ألسنة الرجال؛ ويتدفق من أفواه الفقهاء والمحدثين، كما يتدفق من أفواه الشعراء، وإن كان لكل صناعة من يجيدها وكل ما خصصته الحياة له.

بل لقد وجدنا من الجواري الشاعرات عدداً كثيراً، كان من بينهن من يجدن العلوم، ويتكلمن فيها كلام المتخصصين المتفرغين لها. وقد جاء في نفح الطيب عن جارية قد درست النحو:

((ومنهن العروضية مولاة أبي المطرف عبد الرحمن بن غلبون الكاتب. سكنت بلنسية وكانت قد أخذت عن مولانا النحو واللغة، ولكنها فاقته في ذلك. وبرعت في العروض، وكانت تحفظ الكامل للمبرد، والنوادر للقالي وتشرحهما، قال أبو داود سليمان بن نجاح: قرأت عليها الكتابين، وأخذت عنها العروض، توفيت بعد سيدها في حدود الخمسين والأربعمائة))(١)

وإذا كان منهن المتخصصات في علوم اللغة ذلك التخصص فلا عجب إذا كان ابن حزم قد تلقى علومه الأولى على النساء.

١٣٠ - وأخبار الشاعرات من الجواري كثيرة، وقد وصل حسن الذوق وظرف الأقوال والأفعال أقصاه، وقد كان لهذا النوع من الجواري

(١) نفح الطيب ج ٢ ص ٤٣٠ طبع الأزهرية.

108