14

Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence

ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه

ناشر

دار الفكر العربي

پبلشر کا مقام

القاهرة

الفقهى حيث لا يسعفه النص أو الأثر وإن ذلك بلا ريب يحتاج إلى دراسة غير متحيزة ليتبين منهاجه ، كما هو، لا كما يريد الكاتب فيتقرر الأمر كما هو فى ذاته ولا ينطبع برأى الكاتب ، بل بنظر واضع الكتاب .

١٢ - ولا شك أن كل عالم بينه وبين عصره مجاوبة ، ولقد وجدنا ابن حزم من أشد العلماء تأثراً بروح العصر. وانتفاعاً من ثمراته . وإن كانت المنازعة بينه وبين فقهاء عصره قائمة . فبينما لهم مالكيون يكون هو شافعياً ، ثم يخرج عليهم بالمذهب الظاهرى يجادل عنه ويحميه ويشتد عليهم فى الجدل فليست المجاوبة بين العالم والعصر أن يكون الوئام قائماً بينه وبين المعاصرين له من العلماء فقد يكون المخالف أقرب إلى روح العصر من الموافق ، وإن ذلك أوضح ما يكون فى ابن حزم هذا ، فهو أقرب إلى روح عصره من كل فقهاء زمانه ، ألم تر أنه كتب فى العشق والعشاق ، وقد كان عصره وبلده . والخصب والحضارة وما كانت عليه فى الأندلس ثم فراغ النفس عند الكثيرين من أهل اليسار سبباً فى الإكثار من القول فى الغزل شعراً ونثراً ، وقد ذهب الخيال فى ذلك كل مذهب ، وجال فيها كل مجال . فإذا جاء عالم. وكتب فى العشق محللا . يرد الظواهر إلى أسبابها فقد جاوب روح العصر . أكثر ممن تحرج وتأثم . وقد كتب هذا ببحث العالم ودقته . وطريقته فى الاستقراء العلمى . فجاوب بذلك عصره وأثر فيه وتأثر به . ولقد كان عصره عصراً خصباً من شأنه أن يمد العالم بأرسال من الفكر . ومنازع مختلفة من النظر . ومسالك مختلفة من المناهج العقلية . والعالم يتغذى فكره من كل ما عد به من غذاء ، حتى إذا تمثل فى نفسه خرج على الناس بنوع جديد من العلم يتصل بذاتيته ، ويستمد عناصره من قوة شخصه .

١٣ - لقد كانت الأندلس أقرب بلاد الإسلام إلى البلاد النصرانية .. بل إن المسلمين توغلوا فى أحشاء بلاد الفرنجة . وكانت لهم إتاوات مفروضة على بعض تلك البلاد . وبعض بلاد النصارى كانت تصاقب أو تدخل فى أجزاء الدولة الأندلسية . ورضوا أولا أن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون

14