Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence
ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه
ناشر
دار الفكر العربي
پبلشر کا مقام
القاهرة
وإن تراثه العلمى نفسه لم يكن يجرى فى مدار واحد، بل تعددت آفاقه، واختلفت اتجاهاته فهو العالم بالديانات القديمة وحالها عند النبيين الذين بعثوا بها ثم ما اعتراها بعد ذاك، وعليم بالمآخذ التى يستطيع أن يصيب منها أهدافه وعليم بالفرق الإسلامية وتاريخ ابتدائها والمنبعث الذى انبعثت منه وأوجه الرد عليها كما نوهنا. وقد سجل ذلك كله فى كتابه «الفصل فى الملل والنحل»، ولا يمكن دراسته من غير أن يتصدى الكاتب فى باب كبير لتجلية بعض آرائه وبسط منهاجه فى هذا.
ثم هو العالم المؤرخ الذى يدرس أخبار الأمم، وأخبار الإسلام خاصة، وهو فوق هذا وذاك الأديب الكاتب الشاعر كما ذكرنا. ولا يمكننا أن نعرف ابن حزم على وجهه إلا إذا درسنا ذلك كله دراسة مستفيضة أو مقتصدة مجلية كاشفة. وعقدنا لكل ناحية من نواحيه العلمية باباً خاصاً، تبين مقامه فيه ومنهاجه وإلا كانت الدراسة ناقصة.
٩ - وابن حزم بعد ذلك كله الفقيه المحدث الذى استفاض فى درس الحديث والعلم بكل طرائقه، وجمع المأثور كله أو جله وخاصة ما كان منه متصلا بالأحكام الفقهية. وخرج على الناس بمنهاج خاص فى دراسته الفقهية.
ولكن المؤرخين قالوا إنه ابتدأ فى دراسته شافعى المنهاج، ثم لم يلبث إلا قليلا حتى صار ظاهرى المذهب، فكان كداوود الأصبهانى صاحب المذهب الظاهرى، تخرج على الفقه الشافعى، ثم صار منشىء المذهب الظاهرى. فتولد المذهب الظاهرى من المذهب الشافعى.
ولقد كانت دراسة ابن حزم الظاهرية دراسة مستقلة - لشخصه أثر فى تكوينها، ولم يكن فى كلها تابعاً، فكان لا بد من معرفة الصلة بينها وبين المذهب الذى حملت اسمه، وذكرت رسمه، أهو كان فقط محيياً لمذهب داوود، أم كان ناهجاً منهاجاً يتفق فى أصله مع داوود من حيث نفى القياس، ثم هو فى القواعد والفكر والتوسع فى الدراسة حامل لواء مستقل، وليس تابعاً لأحد.
إن ذلك كله لا بد من دراسته، وليس بالسهل اليسير.
12