محيي الدين بن عربي
محيي الدين بن عربي
اصناف
ومن الأمور التي نسبت إلى محيي الدين عن طريق التأويل أو سوء الفهم مسئلة المفاضلة بين النبي والولي، فلقد هتف المرجفون بأن محيي الدين قد فضل الولي على النبي، وأنه قال: إن النبي للعامة، والأولياء للخاصة.
وهو افتراء، أو سوء فهم من أعجب الأعاجيب، فمحيي الدين لم يقل هذا، ولا ينبغي له أن يقوله، ولا يمكن أن يصدر منه.
محيي الدين الذي اتهم بأنه سما بمقام النبوة المحمدية سموا اعتبروه عيبا من عيوبه، حتى رموه بالغلو، كما غالى رجال المسيحية في عيسى، حتى أوشكوا أن يخرجوه من بشريته، بل لقد فعلوها.
محيي الدين الذي عيب عليه هذا، يرمى بأنه يفضل الولي على النبي! ومن عجب أن يتهم رجل بمتناقضين في وقت واحد.
وحقيقة الأمر: أن محيي الدين يرى أن الولي كلمة اصطلاحية تضم كل الرسل والأنبياء؛ فالرسول عنده ولي عهد إليه في تبليغ رسالة عن الله - سبحانه، والنبي ولي متميز عن غيره من الأولياء، مفضل بسبب خصوصيته بالنبوة؛ فالولاية هي أساس كل المقامات الروحية وعنصرها الأول، ولا يسمو الولي سمو النبي والرسول أبدا، فكل نبي أو رسول هو في الأصل ولي لله ، وليس كل ولي نبيا أو رسولا.
وإنما المفاضلة بين الولاية في النبي والنبوة، أي الفضيلتين أفضل وأدوم؟ يقول ابن عربي: «إن النبوة طارئة وإن الولاية دائمة، فولاية النبي - لا ولاية غيره - أفضل من نبوته؛ لأنها أدوم وأسبق.» فالكلام إذن منصب على رسالة النبي وولايته، لا على المفاضلة بينه وبين غيره في النبوة والولاية.
المتشابهات في كلام محيي الدين
للصوفية اصطلاحات ورموز، ولغة اختصوا بها، فإذا اختلف في معانيها، يجب أن ترد إلى أصحابها وأولي العلم بأسرارها. يقول محيي الدين: «اعلم أن أهل الله لم يضعوا الإشارات التي اصطلحوا عليها فيما بينهم لأنفسهم؛ فإنهم يعلمون الحق الصريح في ذلك؛ وإنما وضعوها منعا للدخيل؛ حتى لا يعرف ما هم فيه؛ شفقة عليه أن يسمع شيئا لم يصل إليه، فينكره على أهل الله فيعاقب.»
ويقول: «إن من أعجب الأشياء في الطريق أن ما من طائفة تحمل علما من المنطقيين والنحاة، وأهل الهندسة والحساب والمتكلمين، إلا ولهم اصطلاح لا يعلمه الدخيل فيهم إلا بتوقيف منهم إلا أهل هذا الطريق، فإن المريد الصادق إذا دخل طريقهم وما عنده خبر بما اصطلحوا عليه، وجلس معهم وسمع ما يتكلمون به من الإشارات، فهم جميع ما تكلموا به، حتى كأنه الواضع لهذه المصطلحات.»
ويقول مجد الدين الفيروز آبادي: «كما أعطى الله الكرامات للأولياء، أعطاهم من العبارات ما يعجز عن فهمه فحول العلماء.»
نامعلوم صفحہ