محيي الدين بن عربي
محيي الدين بن عربي
اصناف
وتلك الأرواح أمانة عند تلك الأشياء، محبوسة في تلك الصور، حتى تؤديها إلى هذا الروح الإنساني، التي قدرت له، ورجال الله الذين كشف الله عن أبصارهم، تناديهم أحجار الأرض ونباتاتها بمنافعها ومضارها.»
ولأسماء الله الحسنى أيضا سرها وأثرها في حياة الإنسان والكون، أو كما يقول محيي الدين: هي المؤثرة في هذا العالم، وهي المفاتيح الأولى التي لا يعلمها إلا هو، وإن لكل حقيقة اسما يخصها من هذه الأسماء.
فأمهات الأسماء، هي: الحي العالم، المريد، القادر، القائل، الجواد المقسط، وهذه الأسماء من الاسمين المدبر والمفصل؛ فالحي يثبت وجودك، والعالم يثبت أحكامك في وجودك، وقبل وجودك يثبت تقديرك، والمريد يثبت اختصاصك، والقادر يثبت عدمك، والقائل يثبت كلامك، والجواد يثبت إيجادك، والمقسط يثبت مرتبتك؛ فهذه حقائق لا بد من وجودها، فلا بد من أسمائها التي هي أربابها.
وهكذا لكل اسم من أسماء الله الحسنى أثر في الكون يقوم به؛ فأسماء الله - تعالى - هي سر هذا الكون، وهي التي تقوم بها الأشياء! ولكل اسم سره في العبادة التي لو لمسها المريد لظفر بالخير، وتربت يداه بالبركات والنعم والهبات.
وهكذا يطوف ابن عربي بك مملكة التصوف، عارضا عليك أسرار الحروف، وأسرار الكلمات، وأسرار أسماء الله الحسنى، وأسرار النجوم والكواكب والجبال والبحار والأنهار، والنباتات والمعادن وخصائصها وأسرارها، وما أودع الله فيها من قوى، ومرتبتها وتحولها من أدنى إلى أعلى، وتقلبها في الصور ومنافعها للإنسان، حتى إذا ملأ مسامع الدنيا بهذه العلوم! أخذ يتحدث على مراتب أهل الله، وأقسام عالم الأنفاس.
أقسام المتصوفة
يقول ابن عربي: «واعلم أن رجال الله في هذه الطريقة، هم المسمون بعالم الأنفاس، وهو اسم يعم جميعهم، وهم على طبقات كثيرة، وأحوال مختلفة؛ فمنهم من تجمع له الحالات كلها والطبقات، ومنهم من يحصل ما شاء الله، وما من طبقة إلا لها لقب خاص من أهل الأحوال والمقامات، التي يظهرون عليها في قوله - تعالى:
ومعارج عليها يظهرون . كل طائفة في جنسها، ومنهم من يحصره عدد في كل زمان ومكان، ومنهم من لا عدد له لازم؛ فيقلون ويكثرون.
ولأهل الأنفاس مراتب من حيث النظر إلى الذات العلية، وتختلف حظوظهم باختلاف مراتبهم؛ فمنهم من حظه من النظر لذة عقلية، ومنهم من حظه من ذلك لذة نفسية، ومنهم من حظه من ذلك لذة حسية، ومنهم من حظه من ذلك لذة خيالية، وهكذا، ثم تخلع عليهم خلع إلهية، أورثها النظر إليه - سبحانه، ثم يفاض عليهم من نور الربوبية ما يكسبهم البهاء والجلال.»
الأقطاب والأئمة والأبدال
نامعلوم صفحہ