محيي الدين بن عربي
محيي الدين بن عربي
اصناف
وتلك سماحة في فهم الدين، وهذا إجلال للعقول، يدل على رحابة أفق وسعة صدر إمام المتصوفة، المتصوفة الذين هوجموا أمر الهجوم وأعنفه من رجال الفقه والاجتهاد.
وبهذا المقام أكمل لمحيي الدين ما قدر له من عطايا ربه، وهو مقام - لو تعلمون - عظيم.
شعرة محمدية
فإذا ظفر محيي الدين بكل تلك الهبات والعطايا، وإذا نعم بالمقامات العليا، كالصديقية والقربة، فماذا بقي؟ يقول محيي الدين: إن الفتح على قدر الهمة. ومحيي يحمل بعزماته الجبال، وعطايا الله - سبحانه - لا حدود لها.
يقول محيي الدين: إنه ظفر بعد ذلك بهدية دونها كل الهدايا، هدية لم تكن عن سؤال، وإنما كانت عن عناية ورعاية.
وتلك الهدية عبارة عن شعرة من الرسول - صلوات الله عليه، ويقول لنا: إنه أوجس في قلبه خيفة، وخشي على نفسه؛ فقد كاد أبو يزيد البسطامي أن يهلك قلبه؛ حينما خيل إليه أنه أهل لشيء أكبر من طاقته، ولنترك محيي الدين يحدثنا: «وقد حصل لنا منه
صلى الله عليه وسلم
شعرة، وهذا كثير لمن عرف، ولما أطلعني الله - سبحانه - على ذلك، لم يكن ما نلت عن سؤال؛ وإنما كان عن عناية الله، ثم إنه أيدني فيه بالأدب رزقا من لدنه وعناية بي، فلم يصدر مني ما صدر من أبي اليزيد.
فلما جاء الأمر وأخذت أرقى وتنكشف لي أمور بفضل تلك المنحة، علمت أن ذلك خطاب ابتلاء لا خطاب تشريف، على أنه قد يكون بعض الابتلاء تشريفا؛ فتوقفت وسألت الحجاب.
ولكني منحت الشعرة اختصاصا إلهيا؛ فشكرت الله على الاختصاص بتلك الشعرة، غير طالب بالشكر الزيادة، وكيف أطلب الزيادة من ذلك، وأنا أسأل الحجاب الذي هو من كمال العبودية؟!»
نامعلوم صفحہ