لام خبير أسقطها، فكان تغيير القرآن أسهل خطأ وأيسر ذنبًا عليه من اللحن فيه.
روي أن علي بن حمزة الكسائي ويعقوب بن إبراهيم القاضي، اجتمعا عند الرشيد، وكان أبو يوسف يزري على علي النحو، فقال له الكسائي: ما يقول القاضي في رجلين اتُّهما بقتل عبد لرجل، فقدمهما إلى قاض، فادعى عليهما قَتْل عبده. فسأل القاضي أحدهما، فقال: أنا قاتل عَبْدِه، وسأل الآخر فقال: أنا قاتل عَبْدَه، أيهما القاتل؟ فقال: جميعًا. فقال الكسائي: بئس ما قلت، أنعِم النظر. فقال: الذي قال: أنا قاتل عبده. فقال: وهذا أيضًا خطأ. فقال الرشيد: أما علمت أن الذي قال: أنا قاتل عبده، قد وعد بقتله ولم يقتله، وأن من قال: أنا قاتل عبده قد أقر بالقتل؟ فانتبه أبو يوسف، فقال: قليل من العلم كثير، وأعمل نفسه حتى علم من النحو ما كان يتحذر به من اللحن.
وقيل: إن سائلًا سأل أبا يوسف عن رجل حلف أن امرأته طالق أن دخلت الدار، وآخر حلف أن امرأته طالق إن دخلت الدار. فقال: أيتها دخلت فقد حنث الحالف. قال: وكان الكسائي حاضرًا فقال: أوليس الخرس أحسن من هذا الجواب؟ وسمع أبو يوسف مقالته فشكاه إلى الرشيد فقال: صدق الكسائي، الخرس أحسن من اللحن. أما علمت أن من خفض قد خلف على شيء يكون في المستقبل؟ فمتى دخلت امرأته الدار حنث، والآخر إنما حلف يمينه بفعل ماض، فإن كانت امرأته دخلت الدار قبل حلفه عليها فقد طَلُقَت، وإن لم تكن دخلت لم تطلق. قال: وكانت هذه المسألة حدت أبا يوسف على أن طلب النحو وتعلمه.
فصل
[أول من عمل النحو]
وأول من عمل النحو أبو الأسود الدؤلي، ثم عرضه على علي بن أبي طالب،
1 / 20