وبفضله، وفضل أمته قبل وجودهم، حتى تمنى طائفة من الأنبياء والفضلاء أن لو بقوا حتى يكونوا من أمته، ففي ذلك بمقامه ﷺ ومقام أمته ما لا يخفى، وفيه شهادتنا بصدق الأنبياء المخبرين بوجودنا ووجود نبينا ﷺ؛ فإنهم لما أخبروا بوجوده ووجود أمته، ثم وجدوا، كان وجودهم مصداقًا لإخبار المخبرين لهم، وشاهدًا على صدقهم، ولذلك كانت هذه الأمة شهداء الأنبياء ﵈ على أممهم، كما سيأتي.
٣ - ومن الحكم، واللطائف في تأخير هذه الأمة - أيضًا -: أن الله تعالى سترهم، ولم يفضحهم كما فضح عليهم من تقدمهم من الأمم، وكشف عليهم أحوالهم كقوم نوح، وسخريتهم بنبيهم، وقوم إبراهيم، وأذيتهم له، وقوم موسى، وتشهيهم عليه، وقوم عيسى، ورميهم له ولأُمِّه - هذا حال غاليهم، ومفرطيهم -، وكقولهم فيه: (إنه الله)، أو: (شريك)، أو: (ابن) - هذا حال غاليهم، ومفرطيهم - وكقوم هود وطغيانهم وتمردهم، وقوم صالح وعقرهم للناقة، وقوم لوط وإتيانهم الفاحشة التي لم يسبقوا إليها، وعزمهم على رجم لوط، وتبييت (١) قتله، وقوم شعيب وأخذهم للمُكُوس، وقرض الدراهم، وغير هؤلاء مع ما بلغنا من نَكالهم، ووبالهم، وما عذبوا به من خسف، أو مسخ، أو قذف، أو غرق، أو حرق، أو غير ذلك ممَّا صان الله تعالى عنه هذه الأمة ببركة نبيها ﷺ.