119

في طريقه إلى كربلا ، فهي لا شك من قرى سواد العراق ، أي حد العراق من الغرب ، ومنها سار الحسين إلى الرهيمة فوافاها.

ومذ أتى عين الرهيمة التقى

بالرجل الكوفي في رأد الضحى

(الرهيمة): بلفظ التصغير ، ويجوز أن يكون تصغير رهمة ، وهي المطرة الضعيفة الدائمة ، وهي ضيعة قرب الكوفة. قال السكوني : هي عين بعد خفية إذا أردت الشام من الكوفة. بينها وبين خفية ثلاثة أميال ، وبعدها إلى القطيفة مغربا. وذكر المتنبي في مقصورته التي يهجو في آخرها كافو الأخشيدي ، ويعدد فيها المنازل التي مر عليها في طريقه إلى العراق قوله :

فيا لك ليلا على أعكش

أحم البلاد خفي الصوى

فزعم قوم أن المتنبي أخطأ في قوله (جوزه)، ثم قوله (وباقيه أكثر مما مضى)؛ لأن الجوز وسط الشيء. ولتصحيحه تأويل وهو : أن أعكش اسم صحراء ، والرهيمة عين وسطه ، فتكون الهاء في جوزه راجعة إلى أعكش فيصح المعنى (1). ذكر محمد بن نما (2) أن الحسين (عليه السلام) لما وصل إلى الرهيمة لقيه رجل من أهل الكوفة يقال له : أبو هرم ، فقال : يابن رسول الله ، ما الذي أخرجك عن حرم جدك؟ فقال (عليه السلام): «يا أبا هرم ، إن بني امية شتموا عرضي فصبرت ، وأخذوا مالي فصبرت ، وطلبوا دمي فهربت ، وأيم الله ليقتلونني فيلبسهم الله ذلا شاملا ، ويريهم سيفا قاطعا ، ويسلط عليهم من يذلهم (3) حتى يكونوا أذل من قوم سبأ إذ ملكتهم امرأة فحكمت في أموالهم ودمائهم». ورأد الضحى : أي وقت ارتفاع الشمس وانبساط الضوء. فالحسين (عليه السلام) سار من الرهيمة ، وواصل سيره إلى قصر مقاتل فنزل عنده.

صفحہ 119