في الخلافة ما خلا طائفة من السلف فإنهم توقفوا في التفضيل بين علي وعثمان، ومنهم من فضل عليا عليه، ونقل ابن عبد البر أن إجماع الخلف انعقد على ما عليه جمهور السلف من الترتيب. هذا مع الاتفاق على أن عثمان إمام حق لأن من استكمل شروط الإمامة صحت إمامته وإن كان مفضولا، بل قد تجب تولية المفضول لكونه أصلح أو لكون نصب الأفضل مثيرا فتنة، إذ المعتبر في ولاية كل أمر معرفة مصالحه ومفاسده، ورب مفضول في علمه وعمله هو بالإمامة أعرف وبالرعية أشفق وأرأف.
يجب تعظيم كافة الصحابة
الخامس: يجب تعظيم كافة الصحابة ﵃، والكف عن القدح في منصبهم الجليل، وتطلب المحامل الحسنة والتأويلات اللائقة بقدرهم فيما ينقل عنهم بعد العلم بصحة ذلك عنهم، وعدم المسارعة إلى ما ينقله عنهم المؤرخون والأخباريون وأهل البدع المضلة المبطلون. وإنما المعتمد على ما يورده العلماء الراسخون في علم الحديث والسير بالأسانيد المعتمدة. فإذا صح ذلك وجب حمله على أحسن المحامل لأن تقريره يؤدي إلى مناقضة كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ؛ والخلف في قولهما محال، ثم يؤدي إلى هدم أركان الشرع من أصله والإزراء بشارعه وناقله وأهله، لأن الصحابة الذين نقلوا إلينا الشرع والتوحيد والنبوة والرسالة والإسلام والإيمان والصلاة والزكاة والصيام والحج والحلال والحرام إلى غير ذلك، ومتى تطرقت الأوهام إلى القدح فيهم انخرمت عدالتهم وردت روايتهم وشهادتهم، وصار هذا الدين الذي هو خير الأديان شر الأديان لكون حماله فسقة، وكان القرآن مفترى، وكان قوله فيهم ﴿أولئك
1 / 56