عندما دخلت كارلا، وأخذت تبحث عن عمل تقوم به، قالت لها سيلفيا: «أوه، اجلسي لدقائق، فإنني لم أجد أحدا أتحدث معه منذ أن عدت من اليونان، أرجوك.» جلست كارلا على حافة المقعد، وساقاها منفرجتان بعض الشيء، واتكأت بيديها على ركبتيها، وبدت مكتئبة إلى حد ما. قالت وهي تحاول أن تبدو دمثة: «كيف كانت اليونان؟»
والآن وقفت، ورقائق الورق الشفاف تحيط بالحصان، ولم تكن قد أزالتها عنه تماما.
قالت سيلفيا: «يقال إنه يمثل خيل السباق، وهو يقفز تلك القفزات النهائية، أقصى ما يبذل من جهد في الدقائق الأخيرة من السباق. وكما ترين الصبي الفارس أيضا، يدفع الحصان ليجري بأقصى ما يستطيع من قوة.»
لم تذكر لها أن ذلك الفارس الصغير قد ذكرها بكارلا، ولم تستطع أن تعرف السبب حتى الآن. لقد كان الولد لا يتعدى العاشرة أو الحادية عشرة. ربما قوة ورشاقة الذراع التي تقبض على الزمام، أو تلك التغضنات في جبهته الطفولية، أو ذلك الانهماك والجهد الخالص الذي يشبه بشكل أو بآخر طريقة سيلفيا في تنظيف النوافذ الضخمة في الربيع الماضي، وربما ساقاها القويتان داخل سروالها القصير، وكتفاها العريضتان، وضرباتها القوية فوق الزجاج لتنظيفه، ثم الطريقة التي مدت بها ذراعيها وجسمها على سبيل المزحة، والتي دفعت، بل أجبرت سيلفيا على الضحك.
قالت كارلا، وهي تتفحص بعناية التمثال الأخضر الصغير المصنوع من البرونز: «إنك ترين هذا، أشكرك بشدة.» «على الرحب والسعة، لنحتس القهوة، لقد أعددت بعضا منها. كانت القهوة في اليونان ذات نكهة قوية بعض الشيء، ربما أكثر قوة مما أفضل، ولكن الخبز كان غاية في الروعة، ناهيك عن التين الناضج، لقد كان مدهشا بحق. اجلسي لدقائق أخرى، أرجوك. عليك أن توقفيني عن الاسترسال هكذا. ماذا عن هنا؟ كيف كانت الحياة تسير هنا؟» «لقد كانت تمطر معظم الوقت.»
ردت سيلفيا من خلال المطبخ الذي يقع عند نهاية الغرفة الكبيرة: «أرى هذا، أرى أنها كانت تمطر باستمرار.» قررت وهي تصب القهوة أن تخفي أمر الهدية الأخرى التي أحضرتها، إنها لم تكلفها شيئا (في الواقع كلفها الحصان أكثر مما تتخيل الفتاة)، كانت مجرد صخرة صغيرة جميلة ذات لون أبيض ضارب إلى الوردي التقطتها من الطريق. «هذه لكارلا.» هكذا قالت حينها لصديقتها ماجي التي كانت تسير بجوارها: «أعلم أنه قد يبدو الأمر ساذجا، ولكني أرغب في أن يكون لديها قطعة صغيرة من هذه الأرض.»
كانت قد أخبرت صديقتها ماجي عن كارلا، كما أخبرت أيضا صديقتها الأخرى سورايا، وكيف أن وجود الفتاة قد أصبح يعني الكثير والكثير لها، وأنه ثمة رباط لا يمكن وصفه تولد بينهما، وهو الشيء الذي ساعدها وواساها في الأشهر الفظيعة التي مرت بها خلال الربيع الماضي. «إنه لشيء جميل أن يرى المرء شخصا كهذه؛ شخصا صغير السن يمتلئ صحة وحيوية يأتي إلى المنزل.»
ضحكت كل من ماجي وسورايا بود، إلا أن ضحكاتهما شابها بعض الانزعاج.
قالت سورايا وهي تمد ذراعها البنية الممتلئة في كسل: «هناك دائما مثل هذه الفتاة.» وقالت ماجي: «نتعرض جميعنا لذلك في بعض الأحيان؛ إنه الافتتان بفتاة.»
شعرت سيلفيا بقليل من الغضب بسبب تلك الكلمة: افتتان.
نامعلوم صفحہ