حروب دولة الرسول (الجزء الأول)
حروب دولة الرسول (الجزء الأول)
اصناف
حدثني رجل من بني غفار قال: أقبلت أنا وابن عم لي حتى أصعدنا في جبل يشرف على بدر، ونحن مشركان، ننتظر الوقعة على من تكون الدبرة، فننهب مع من ينتهب، قال: فبينا نحن في الجبل إذ دنت منا سحابة، فسمعنا فيها حمحمة الخيل، فسمعت قائلا يقول: أقدم حيزوم. قال: فأما ابن عمي فانقشع قناع قلبه فمات مكانه، وأما أنا فكدت أهلك ثم تماسكت.
41
أما المشركون (والرواة أسلموا بعد ذلك عند الفتح)، فوجد بعضهم - فيما يبدو - في هبوط الملائكة، تبريرا لهزيمتهم المخجلة أمام المسلمين، فحاك بعضهم على ذات النول. فهذا «المغيرة بن الحارث» يذكر أنه كان قال زمن بدر لأبي لهب «وأيم الله ما لمت الناس، لقينا رجالا بيضا على خيل بلق، بين السماء والأرض، والله ما تليق شيئا، ولا يقوم لها شيء.»
42
وهكذا تقدم الطلقاء بدلائهم إلى مائدة المزايدات، ومنها رواية «ابن حجر» في الإصابة (2: 9)، عن «السائب بن أبي حبيش» الذي أسلم يوم الفتح الإسلامي لمكة، ونال من الرسول نصيبه من الأعطيات، ثلاثين وسقا في خيبر، فكان يحدث الناس زمن «عمر بن الخطاب» عندما قرر عمر قطع أنصبة المؤلفة قلوبهم عنهم، بقوله:
والله ما أسرني أحد من الناس، فيقال: فمن؟ فيقول: لما انهزمت قريش انهزمت معها، فأدركني رجل طويل على فرس أبيض بين السماء والأرض، فأوثقني رباطا، وجاء عبد الرحمن بن عوف فوجدني مربوطا، وكان عبد الرحمن ينادي في العسكر: من أسر هذا؟ فليس أحد يزعم أنه أسرني، حتى انتهى بي إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم
فقال رسول الله: يا ابن أبي حبيش، من أسرك؟ فقلت: لا أعرفه. وكرهت أن أخبره بالذي رأيت؛ فقال رسول الله: أسرك ملك من الملائكة. اذهب يا ابن عوف بأسيرك. فذهب بي عبد الرحمن بن عوف، فقال السائب: ما زلت تلك الكلمات أحفظها، وتأخر إسلامي، حتى كان من أمري ما كان.
أما البيهقي، فيعقب على رواية السائب بقوله الكاشف:
ولا أعلمه روى عن النبي
نامعلوم صفحہ