حروب دولة الرسول (الجزء الأول)

سيد القمني d. 1443 AH
122

حروب دولة الرسول (الجزء الأول)

حروب دولة الرسول (الجزء الأول)

اصناف

16

فكان رد قينقاع المتحدي:

يا محمد إنك ترانا كقومك؟! لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم فرصة. إنا والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس.

17

وهنا يعلن «الواقدي» ما كان مقدور الحدوث في باطن الأيام بقوله: «فحاصرهم رسول الله خمس عشرة ليلة، لا يطلع فيهم أحد، ثم نزلوا على حكم رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، فكتفوا وهو يريد قتلهم.»

18

ويتقدم رواة السير المسلمون بتقديم التبرير الذي رأوه مناسبا لنقض الصحيفة، والسير إلى قينقاع وأسرهم. بحكاية عن امرأة عربية، ذهبت تبتضع في سوق قينقاع، فتلاعب بها شباب اليهود، بأن ربطوا ذيل ثوبها بظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها فضحكوا منها، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ اليهودي فقتله، فشد اليهود على المسلم فقتلوه.

19

ومثل تلك القصة التبريرية واضحة الضعف والوهن، فالمرأة العربية التي سببت تلك الوقعة الهامة في تاريخ الدولة الإسلامية، لا ذكر لاسمها، ولا لقبيلتها، ولا ما إذا كانت مسلمة أم لا؟ ولا نعرف اسم الصائغ اليهودي، ولا من هؤلاء الذين تلاعبوا بها، بل والأخطر لا نعلم اسم ذلك المسلم الذي استشهد وهو يدافع عن المرأة، ولا إلى أي قبيلة ينتمي، ولم تزعم قبيلة أنه قد حدث مثل ذلك لأحد من رجالها. وهو الأمر الذي يخالف ما ألفناه مع المتفق عليه بكتب الأخبار والسير. والقصة بكاملها - في رأينا - مختلقة، صيغت على مثال نموذج قديم حدث زمن حرب الفجار الأولى وكان سببا لها. وقد لاحظ الحلبي راوي السيرة ذلك التشابه بين الحادثتين، فتطوع بتذكير القارئ الفطن بقوله: «وقد تقدم وقوع مثل ذلك وأنه كان سببا لوقوع حرب الفجار الأولى.»

نامعلوم صفحہ