التحدي (قد يصاحب التفاخر).
التوسل (عادة في أرض المعركة).
التحميس (الخطب الحماسية من أجل المعركة).
التقريع (عندما يعجز شخص ما عن إنجاز أمر على نحو نموذجي).
مناجاة النفس (أعمق أفكار المرء مقدمة في هيئة حوار).
يصف هوميروس طبيعة شخصياته عبر الحوارات برشاقة ودقة. وهكذا نعرف من الحوار الأول لأجاممنون في الكتاب الأول أنه متغطرس (في رفضه لمطلب خريسي المقبول)، وفظ (في ملاحظة يبديها عن زوجته)، وغير مبال بمصلحة الجماعة (في بغيه على آخيل ورفضه لمطلب خريسي). تميط هيلين الفاسقة، في حوارها مع بريام الذي ينطوي على انتقاص للذات في الكتاب الثالث، اللثام عن امرأة حزينة لديها مشاعر رقيقة تجاه عائلتها، بينما تسحر لب الملك بجمالها. يظهر هيكتور - في حديثه إلى أندروماك المتوسلة في الكتاب السادس - رجلا محبا لأسرته وسوف يؤدي واجبه، مهما كانت العواقب؛ لذا يعتبره كثير من القراء المعاصرين أكثر الشخصيات جاذبية في القصيدة.
كانت «التراجيديا»، التي تعني حرفيا «الأغنية العنزية»، عبارة عن قصيدة تؤدى على مسرح ديونيسوس في مدينة أثينا بداية من أواخر القرن السادس قبل الميلاد، ولكنها تدل بالمعنى النقدي على نوع من القصص، تمثل «الإلياذة» أقدم مثال له. في التراجيديا يخوض شخص ذو شخصية فردانية إلى حد كبير صراعا مع العالم من حوله، ويصبح تدريجيا أكثر انعزالا عن هذا العالم، وفي النهاية يصبح وحيدا تماما، وينتهي به الحال إلى عزلة مميتة، أو تكاد تكون كذلك. ورغم ذلك يجد آخيل نفسه في نزاع مع رئيسه وأنصاره. وينغمس في مشاعره القوية المستندة إلى مفهوم للعدالة، ويأبى أن يتصالح مع أولئك الذين أهانوه حتى وصل به الأمر إلى إيذاء شخص يحبه، وعندها يفقد التصالح كل معنى له. ويتحول غضب آخيل نحو أجاممنون إلى غضب نحو هيكتور، الذي تعامل جثته معاملة بربرية من قبل آخيلو. عندما يتخلى آخيل عن غضبه، ويتخلى معه عن جثة هيكتور، يعتنق رؤية أخلاقية عميقة حيال المعاناة العالمية التي توحد البشرية كلها، ولكنه لا يجد أحدا ليتشارك معه هذه الرؤية. تخبرنا القصيدة مرارا وتكرارا أن قريبا سيكون مصيره الموت، وهو الأمر الذي بات الآن يقينا فعليا. في تراجيديا «الإلياذة» ليس ثمة حل سعيد للمعضلة التي تواجهها البشرية كلها، وهي أن تكون حيا ولكن مصيرك المحتوم هو الموت.
الفصل الخامس
الأوديسة
كل شيء متعلق بملحمة «الأوديسة» مختلف عن «الإلياذة»؛ فهما تعدان نقيضين أدبيين، وهي الحقيقة التي ظلت لوقت طويل تمثل أفضل حجة تساق للدلالة على أن القصيدتين من إبداع رجل واحد، هو واحد من أعظم الفنانين الذين عاشوا على ظهر الأرض على الإطلاق. الحياة كبيرة، وقوامها الأخلاق. وثمة حروب، وثمة رباط الأسرة. تتمحور أحداث «الإلياذة» حول الحرب. أما «الأوديسة» فتدور حول رجل يحاول العودة لدياره، وفي طريق عودته يتحول إلى رمز للروح البشرية في بحثها عن معنى الحياة البشرية. ليس الأمر أن أوديسيوس يفتش عن معرفة من هذا القبيل في رحلاته؛ فهو لا يفعل. وإنما «يرمز» ترحاله إلى السعي البشري نحو المعرفة. ومثلما تجسد «الإلياذة» انشغال الغرب بقضية فلسفة القيمة - التي يعد شغلها الشاغل هو التساؤل عن السبب الذي من أجله يتعين على المرء أن يفعل أي شيء - كذلك تجسد «الأوديسة» سعيه الدءوب نحو اكتشاف أشياء جديدة.
نامعلوم صفحہ