حجة الله البالغة

Shah Waliullah Dehlawi d. 1176 AH
124

حجة الله البالغة

حجة الله البالغة

تحقیق کنندہ

السيد سابق

ناشر

دار الجيل

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

سنة الطبع

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

وَقَوله [ﷺ]: " أعظم الْمُسلمين فِي الْمُسلمين جرما من سَأَلَ عَن شَيْء، فَحرم لأجل مَسْأَلته ". وَقَوله [ﷺ]: " إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة ودعا لَهَا وَإِنِّي حرمت الْمَدِينَة كَمَا حرم إِبْرَاهِيم مَكَّة ودعوت لَهَا فِي مدها وصاعها مثل مَا دَعَا إِبْرَاهِيم لمَكَّة ". وَقَوله ﷺ لمن سَأَلَهُ عَن الْحَج " أهوَ فِي كل عَام لَو قلت نعم لَوَجَبَتْ، وَلَو وَجَبت لم تقوموا بهَا، وَلَو لم تقوموا بهَا عذبتم ". وَاعْلَم أَنه إِنَّمَا اخْتلفت شرائع الْأَنْبِيَاء ﵈ لأسباب ومصالح، وَذَلِكَ أَن شَعَائِر الله إِنَّمَا كَانَت شَعَائِر لمعدات وَأَن الْمَقَادِير يُلَاحظ فِي شرعها حَال الْمُكَلّفين وعاداتهم. فَلَمَّا كَانَت أمزجة قوم نوح ﵇ فِي غَايَة الْقُوَّة والشدة كَمَا نبه عَلَيْهِ الْحق تَعَالَى - استوجبوا أَن يؤمروا بدوام الصّيام؛ ليقاوم سُورَة بهيميتهم، وَلما كَانَت أمزجة هَذِه الْأمة ضَعِيفَة نهوا عَن ذَلِك، وَكَذَلِكَ لم يَجْعَل الله تَعَالَى الْغَنَائِم حَلَالا للأولين، وأحلها لنا لما رأى ضعفنا، وَأَن مُرَاد الْأَنْبِيَاء ﵈ إصْلَاح مَا عِنْدهم من الارتفاقات، فَلَا يعدل عَنْهَا إِلَى مَا يباين المألوف إِلَّا مَا شَاءَ الله، وَأَن مظان الْمصَالح تخْتَلف باخْتلَاف الْأَعْصَار والعادات، وَلذَلِك صَحَّ وُقُوع النّسخ، وَإِنَّمَا مثله كَمثل الطَّبِيب يعمد إِلَى حفظ المزاج المعتدل فِي جَمِيع الْأَحْوَال، فتختلف أَحْكَامه باخْتلَاف الْأَشْخَاص وَالزَّمَان، فيأمر الشَّاب بِمَا لَا يَأْمر بِهِ الشائب، وَيَأْمُر فِي الصَّيف بِالنَّوْمِ فِي الجو لما يرى أَن الجو مَظَنَّة الِاعْتِدَال حِينَئِذٍ، وَيَأْمُر فِي الشتَاء بِالنَّوْمِ دَاخل الْبَيْت لما يرى أَنه مَظَنَّة الْبرد حِينَئِذٍ. فَمن عرف أصل الدّين وَأَسْبَاب اخْتِلَاف المناهج لم يكن عِنْده تَغْيِير وَلَا تَبْدِيل وَلذَلِك نسبت الشَّرَائِع إِلَى أقوامها، وَرجعت اللائمة إِلَيْهِم حِين استوجبوا بهَا بِمَا عِنْدهم من الاستعداد، وسألوها جهد سُؤَالهمْ بِلِسَان الْحَال، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: ﴿فتقطعوا أَمرهم بَينهم زبرا كل حزب بِمَا لديهم فَرِحُونَ﴾ . وَلذَلِك ظهر فضل أمة نَبينَا ﷺ حِين استحقوا تعْيين الْجُمُعَة لكَوْنهم أُمِّيين بُرَآء من الْعُلُوم المكتسبة، واستحقت الْيَهُود السبت لاعتقادهم أَنه يَوْم فرغ الله فِيهِ من الْخلق وَأَنه أحسن شَيْء لأَدَاء الْعِبَادَة مَعَ أَن الْكل بِأَمْر الله ووحيه، وَمثل الشَّرَائِع فِي ذَلِك كَمثل الْعَزِيمَة يؤمرون بهَا أَولا، ثمَّ يكون هُنَالك أعذار وحرج، فتشرع لَهُم الرُّخص لِمَعْنى

1 / 163