باب فيه كتاب الحجة في بيان المحجة في التوحيد بلا تقليد
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
قال الشيخ الفقيه العالم العلامة البحر الفهامة عمنا الحاج أمحمد بن الحاج يوسف بن عيسى اطفيش الميزابي الإباضي رحمه الله تعالى ورضي عنه:
لا إله إلا الله الحمد لله الذي قال رسوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الذكر قول لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله»، أي لأن الثناء والشكر يستدعيان المزيد من لا إله إلا الله الحمد لله الذي لكل فعل له صفة الذات، فصفة الخالق القادر أن يخلق والعالم بالخلق والمريد للخلق ونحو ذلك مما يصلح لذلك وصفه الرازق القادر أن يرزق، والعالم بالرزق والمريد الرزق ونحو ذلك وهكذا.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي جعل توحيده فرضا وجعل من التوحيد نفلا مثل تكرير كلمة الشهادة «لا إله إلا الله».
الحمد لله الذي علم كل ماء من ماءين اختلطا على حدة وكل لبن من لبنين اختلطا وكل زيت من زيتين اختلطا وهكذا، وعلم الزيت المعجون به العسل أو الدقيق وهكذا.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي اختص بحصر ما لا يتناهى كأنفاس أهل الجنة ونعيمهم وأحوالهم المتجددة.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي يتناهى ما سواه في كل لحظة.
وأقول: لا إله إلا الله الحمد لله الذي جعل الأمر بالتوحيد من الموحد توحيدا.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي جعل تصويب التوحيد توحيدا من الموحد.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي جعل إيجاب التوحيد من الموحد توحيدا.
¬__________
(¬1) هذا الكتاب منشور ضمن كتاب كشف الكرب، والترقيم الموضوع بين <> هو بداية الصفحة من الكتاب المذكور.
صفحہ 1
لا إله إلا الله الحمد لله الذي سمى نفسه شيئا في قوله عز وجل: {قل الله شهيد بيني وبينكم} بعد قوله جل جلاله: {قل اي شيء اكبر شهادة} [سورة الأنعام: 19] مع قوله {ليس كمثله شيء} [سورة الشورى: 11].
لا إله إلا الله الحمد لله الذي هو شيء لا كالأشياء.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا سمي له أي لا ولد ولا مسمى باسمه.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي هو <ج1/ 16> مؤين الأيوان، أي خالق الأمكنة.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة؛ لأن الرؤية توجب الحلول واللون والتحيز والطول والعرش والجهات والتركيب والعجز والحدوث، وفي ذلك من صفات الخلق.
لا إله إلا اله الحمد لله الذي لا تحويه الأمكنة والأزمنة؛ لأنه خالقها ومنشئها.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا تجري عليه الأزمنة؛ لأنه خالقها ومنشئها.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي تجري عليه الأزمنة وهو في كل مكان وفي كل زمان، يخلق الأمكنة والأزمنة، والمتصرف فيهن بما يشاء.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي استوى على العرش، أي ملك الخلق واستولى عليه، وإلا لزم التحيز وصفات الخلق.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا هو جسم ولا عرض ولا جوهر فرد عند مثبت الجوهر الفرد، وهو الجزء الذي لا يتجزأ.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي رآه رسوله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء بعيني رأسه؛ أي أثبته مزيد إثبات، وحقق عظمته مزيد تحقيق بنظره بعيني رأسه في خلقه.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي خلق آدم على صورته، أي على صورة آدم التي قضى الله أن يخلقه عليها. أو على صورة الله، أي الصورة التي هي ملك الله، أو على صورة آدم بلا نقل من نطفة إلى علقة ثم إلى مضغة ومن صغر إلى كبر وهكذا.
صفحہ 2
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا تختلف إرادته ولا مشيئته، وتختلف محبته وبغضه وأمره ونهيه بمعنى أنه يحب الطاعة، أي يأمر بها، وينهى عن المعصية، وبغضه هو نهيه، فمن المكلفين من يمتثل ومن يعصي.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا يختلف وعده ولا وعيده، ولا ولايته للسعيد ولا براءته للشقي حال الطاعة ولا حال المعصية، ولا يختلف حبه للسعيد وبغضه للشقي.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي صفاته ذاتية لا غيره ولا حالة فيه، تعالى عن الظرفية، ولا معه، فهو عالم بالذات لا بعلم زائد على الذات وقادر بالذات لا بقدرة وهكذا.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي هو متكلم، أي خالق للكلام من كل ناطق، ومنزل القرآن وغيره من الكتب والوحي.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي هو بصير أي عالم بالألوان والأجسام والأحوال.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي هو سميع أي <ج1/ 17> عالم بالأصوات. ولو قيل بصير بالأصوات والأجسام والأحوال وسميع بهن لصح إذ كان سمعه وبصره العلم، إلا أنه لا يعتاد أن يقال مثلا بصر الصوت أو سمع اللون.
صفحہ 3
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا يوصف بالفعل في الأزل وإلا لزم تعدد القديم، وإن وصف تؤول بأنه سيفعل، وأنه علم أن سيفعل، أو قدر أن يفعل بعد الأزل، فلا يقال: تكلم في الأزل إلا على معنى أن سيخلق الكلام. ولا يقال: رزق في الأزل بالبناء للفاعل إلا على معنى أن سيخلق الرزق والمرزوق وهكذا ... أو على معنى قضى في الأزل ذلك أو نحوه. ولا أول لقضائه ولا لصفاته الذاتية ومنها التكلم إذا كان بمعنى نفي الخرس، ومنها القضاء وبيان معنى لزوم التعدد حاشاه أنك إذا قلت خلق في الأزل بالبناء للفاعل فقد نفيت عنه الأزل وأثبت الأزمنة قديمة لا مبدأ لها تعالى الله عنها، ومخلوقاته لا أول لها بأن يكون لا أول لمبدأ خلقه يخلق خلقا فيبقى أو يبقي ويخلق آخر وهكذا بلا مبدأ واعتقاد هذا حرام، وإجازته حرام. والأزل فعل الخلق وأنت في ذلك لم تجعل للخلق قبلا بل جعلت كل خلق منه مسبوقا بخلق على التسلسل.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي رضاه خلقه للسعيد ثوابا من الجنة خلقا مضى أو آتيا أوامره بكتابته سعيدا أو ثناؤه عليه إلى الملائكة أو أمره بما فعل السعيد وسعد به، فهو فعل، أو علمه بسعادته فهو صفة. وأما السخط فعكسه وهكذا الغضب.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي يوصف بالإرادة والمشيئة وهما صفتان. والحب بمعنى الأمر بالشيء وهو فعل. ولا يوصف بالفرح والسرور لأنهما حادثان عن خفة تعتري من يتصف بهما والله جل جلاله لا يكون محلا لحادث. وكذا الهم والحزن لا يوصف بهما والأربعة إنما هي عن عجز واحتياج والله لا يعجز ولا يحتاج ولا يستكمل.
صفحہ 4
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا تعلل أفعاله بالأغراض؛ لأن التعليل بما يلزم احتياجه تعالى استكمالا بها، سبحانه عن ذلك ومع ذلك يجوز قطعا ما على صيغة <ج1/ 18> التعليل بها على معنى آخر هو ذكر الحكمة واللياقة مثل قوله تعالى: {وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون} [سورة الذاريات: 56] أي خلقتم وأمرتهم بالعبادة واللائق بهم العبادة والأمر بها حكمة، وعبد من عبد وعصى من عصى، وكلاها بعلم الله وقضائه وإرادته ومشيئته.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي علم نفسه ولا يقال أراد نفسه؛ لأنه يوجب الحدث، مع أن ما لم يوجد لا يتصف بالإرادة. ولا لم يرد نفسه؛ لأنه يوجب الاضطرار.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا يشاركه مخلوق في صفة ولو اتفق اللفظ، فالله موجود لا بعد عدم ولا بموجد ولا بزمان أو بمكان أو شيء، ولا بمبق بعد إيجاد، ولا عرض ولا جسم، وأنت موجود بخلافه في ذلك كله وبعد أن أوجدك أبقاك، ولو أسقط إبقاءك لفنيت كلك ولم يبق منك شيء، وإن أراد أبقى بعضك وأفنى البعض. والله عالم، أي بالذات بلا أول ولا آخر ولا جهل له في شيء تعالى، وأنت عالم بتعلم مع جهل وهكذا ... ومقتضى ذلك أن لا يفعل التفضيل بينه وبين خلقه لكنه فعل، تقول: الله أعلم منا فإن حقيقة التفضيل اشتراك متعددين في شيء واحد مع زيادة أحدها على الآخر على معنى أنه في علمه أعظم منا في علمنا وهذا في التخالف كقولك أنت في قيامك أفضل من عمرو في ركوبه وأعظم من ذلك، كقولك: الخل أمر من العسل والعسل أحلى من الخل بمعنى أنه أشد في مرارته من العسل في حلاوته، أو أن العسل في حلاوته أشد من الخل في مرارته، أيما كان من ذلك فقله.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي إنما نعرفه بجهلنا إياه إذ كلما قيل: هو كذا من جسم أو عرض أو جوهر كان خطأ، إذ لا ندرك ذاته عز وجل.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا نعرفه إلا بكونه شيئا لا كالأشياء وبصفاته وأفعاله.
صفحہ 5
لا إله إلا اله الحمد لله الذي كلما أدرك بالحواس أو من شأنه أن يدرك مما وجد أو فرض أو حواه الفهم والخاطر فهو بخلافه. جاء الأثر بهذا، وكذا اجتمع سبعون عالما من بني إسرائيل ليدركوا الله وكل واحد يعرف سبعين لغة فسمع بهم عالم من بني إسرائيل يعرف سبعا وسبعين لغة فجاءهم فقال: فيم أنتم؟ فقالوا: نريد أن ندرك <ج1/ 19> الله تعالى فقال: هل أدركتموه؟ فقالوا: لا، وجدنا أنفسنا لا ندرك إلا مخلوقا، ولا نعرفه إلا بتحقيق الإيمان بالغيب، فقال: الآن عرفتم ربكم. وسأل عالم سبعمائة عالم عن التوحيد فلم يجبه أحد بما يقنعه، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: كل ما حواه الفهم وخطر بالبال فالله بخلاف ذلك.
لا إله إلا الله الحمد له الذي احتجب عن خلقه لا بحجاب إذ الحجاب من خلقه بل بمنعه إياهم عن مشاهدته.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي هو الواحد في صفاته كالقدم والبقاء وعلمه وقدرته في أفعاله كالإنشاء والإحياء والإماتة والبعث والرزق في الذات، لا يوصف بجزء ولا بكل ولا ببسط ولا تركيب وفي استحقاق الطاعة والعبادة.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي ما استحال من صفاته بحسب المعنى اللغوي حمل على سلب معنى ضدها أو على لازم المعنى، كحياته جل جلاله بمعنى نفي الموت لا حقيقة الروح والإحساس حاشا لله وجل الله، أو بمعنى القدرة والعلم ونحوه مما شأنه أن يكون للحي منا جل الله عن وصفنا. وكالتكلم بمعنى نفي الخرس عنه سبحانه وتعالى، لا بمعنى النطق أو بمعنى التبيين، فإن من لازم الكلام في الجملة البيان وقد بين الله جل جلاله لنا الغيب والحلال والحرام والفرائض. وكالرحمة بمعنى إنعامه على خلقه وعفوه فإنهما من لوازم الخلق المتصفين بالرحمة بمعنى رقة القلب تعالى الله عن القلب ورقته أو رحمته بمعنى نفي القسوة عنه فلا يعذب من لا يستحق التعذيب.
صفحہ 6
لا إله إلا الله الحمد لله الذي صفاته قديمة لا أول لها، وهي هو، عالم بالذات قادر بالذات لا بقدرة وهكذا، وإلا كان محلا لها تعالى أن يكون محلا، ولزم تعدد القديم. ومعنى قول ابن محبوب رضي الله عنه أن ذات الله هي قدرته ومشيئته (بواو العطف) في قوله: إنه وصفاته شيء واحد لا كالأشياء وأنه قادر بالذات شاء بالذات.
لا إله إلا الله الحمد لله <ج1/ 20> الذي صفاته ما لا أول له وما لا يتصف هو بخلافه وما لا يجتمع مع ضده في محلين كالعلم بأنه لا أول لعلمه ولا يتصف بالجهل، ولا يقال: علم كذا وجهل كذا، وما لا أول له لا آخر له وما له أول قد يكون لا آخر له، كالإنس والجن يدومون في الجنة والنار، والفعل ما له أول ويتصف بخلافه ويجتمع مع ضده في محلين، كالإعزاز والإحياء، أعز هذا ولم يعز ذلك، وأحيى هذا وأمات ذلك.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا يتصف بالكلام النفسي وإلا كان ظرفا تعالى الله.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي صفاته المعاني المصدرية، وكذا أفعاله، وأما اسم الفاعل والصفة المشبهة فذات وصفة، فالعلم والقدرة والإرادة والعزة ونحو ذلك صفات، والخلق والرزق (بفتح الراء) والإفناء والإعادة ونحو ذلك أفعال والعالم والعليم والقادر والقدير والمريد والعزيز ذات وصفات، والخالق والرازق والمغني والمعيد ذات وأفعال، إلا أنك قد علمت أن صفاته هي بمعنى أنها بالذات وإلا أن وزن "فاعل" من صفاته عز وجل صفة مشبهة؛ لأنه لا يدل على الحدوث وإنما سميته اسم فاعل لشبهه به، بخلاف اسم الفاعل من أفعاله فإنه ليس صفة مشبهة، إلا إذا لم يرد التعرض للحدوث، نحو: الخالق الله، والله خالق، بمعنى أنه ذو الخلق.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي أفعالنا خلق منه وكسب منا لا جبر؛ ولو كانت إجبارا لم يكن عليها مدح ولا ذم ولا ثواب ولا عقاب ولا أمر ولا نهي ولا كتاب ولا رسول ولا نصب دليل.
صفحہ 7
لا إله إلا الله الحمد لله الذي وجهه هو ذاته ونفسه، أو هو عظمته، كما قال في عيسى عليه السلام {وجيها في الدنيا والاخرة} [سورة آل عمران: 45]، {وكان عند الله وجيها} [سورة الأحزاب: 69]، أي ذا منزلة. ويقال: خذ الكلام من وجهه أو الوجه العظيم، من إضافة الصفة للموصوف، أي الله الوجه، أي الله العظيم.
لا إله إلا اله الحمد لله الذي عينه علمه أو حفظه؛ لأن عين الإنسان آلة لحفظ الشيء وآلة للعلم به، والله جل جلاله منزه عن الإنسانية وعين الوجه.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي أذنه علمه متى ورد في الحديث أذن الله له، أي سمع له <ج1/ 21> أي تقبله وسمع الله لفلان أي تقبل كلامه.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي يده جزاؤه ويده قدرته ويده قوته ويده نعمته ويده ملكه.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي قبضته مقبوضة والسماء مقبوضته والأرض مقبوضته، أو يطويها ويزيلها وهي في قدرته مقدار ما يقبض القابض بالكف والأصابع، وملكه.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي يمينه قوته أو قدرته تعالى عن الكف والأصابع.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي جنبه حقه.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا يوصف بالساق ولا بالرجل والقدم. و {يوم يكشف عن ساق} [سورة القلم: 42] كناية عن شدة الأمر إذ شدة الأمر يرفع لها الثوب لتزول. و «يضع الرب قدمه في النار» بمعنى يحصر لها من يقدمه لها.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي هو نور السماوات والأرض، أي هادي من فيهما، أو خالق نورهما، أو العدل فيهما.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي إتيانه ومجيئه ونزوله بمعنى مجيء أمره ونزول أمره أو نزول ملكه.
لا إله إلا الله ظاهر باطن أي عالم بالأشياء كلها، حافظ لها، متصرف فيها بما شاء، ولا تدركه الحواس، وظاهر بالدليل باطن عن الحواس. واستوى عنده علما وحفظا وخلقا وتصرفا ما ظهر وما بطن للخلق.
صفحہ 8
لا إله إلا الله الحمد لله الذي أسماؤه غيره إجماعا، بمعنى الحروف المنطوق بها كقولنا: الله الرحمن، وأسماؤه هو إجماعا بمعنى أنه إله قبل الخلق وبعده، علموا أنه إله أو لم يعلموا، أو أنه قادر قبل الخلق وبعده علموا أنه إله أو لم يعلموا أنه قادر قبل الخلق وبعده قادر أو لم يعلموا أو أنه عالم قبل الخلق وبعده علم الخلق أو لم يعلموا. وإذا خلق شيئا فهو خالقه علم الخلق أنه خالقه أو لم يعلموا وإذا أنبت نباتا فهو منبته علموا أنه منبته أو لم يعلموا، أو كذا غير ذلك من الأفعال والصفات. ومن زعم انه عز وجل لا يعلم شيئا حتى يكون قد كفر. وفي هذا فقد نفى القدر.
<ج1/ 22 > لا إله إلا الله الحمد لله الذي ليس جسما؛ لأن الجسم لا يخلق جسما، وليس عرضا لأن العرض لا يفعل ولا يبقى ولا يقوى ولا يستقل ولو كان جسما لاحتاج إلى مركب ومحدث فيتسلسل أو يدور وكلاهما محال وإن انتهى في تتابعه لم يصح أن ينسب الأفعال إلا لما انتهى إليه وإلا كان عبثا وتحكما أن كان خالق الأشياء هذا وخالق هذا ذلك فليكن خالقها هو ذلك لا هذا إذ لا دليل عليه.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي علمناه واحدا لا إله معه بأنه قادر القدرة كلها والغني الغنى كله؛ لأنه لا يحتاج لغيره في شيء ولا غالب له، والواحد الحقيق لا يكون إلا غالبا، والمصطلحان عاجزان معا لا غالبان معا، ولا واحد منهما والمغلوب غير غالب.
صفحہ 9
لا إله إلا الله الحمد لله الذي يجزي توحيده من جزم به قلبه ولم يدر الحجج الذي تذكر في علم الكلام وهذا ما عليه الجمهور، وهو ظاهر أمر الصحابة والتابعين؛ لأنه تبادر أنهم لم يدركوها إلا ما شاء الله. ولست أعني تقاديرنا في علم الكلام بنفسها وكيفيتها فإنها لا تشترط قطعا ومبدعة قطعا، بل ما صدقها ولم يرو عنه صلى الله عليه وسلم أنه شرطها أو بعضها على أحد، بل يأمر بالكتب إلى الناس فيكتفي منهم بالإيمان الظاهر، وكذا من شافهه ولا يباحثهم، وبعيد أن يدركوها مرة أو بعضها عاجلا بمجرد الأمر بكلمة الشهادة في كتاب أو لسان رسول أو مشافهة.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي بين لنا التوحيد في قوله عز وجل: {قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا احد} [سورة الإخلاص] فنفى بلم الأولى الوالدية في الأزمنة الثلاثة، وبالثالثة ثبوت الكفوءة في الأزمنة الثلاثة، وبالثانية المولودية في الزمان الماضي فقط، وأخطأ من قال: نفاها بلم في الأزمنة الثلاثة وفسر لفظ القران على غير ما أنزل به؛ لأن انتفاء المولودية في الحال والاستقبال معلوم قطعا من قوله تعالى موجودا في الماضي؛ لأن الموجود لا يتوهم أحد أنه يولد في حال أو مستقبل فضلا عن أن ينفي هذا الأمر المتوهم بلم، فلم تأت لم لنفيه.
<ج1/ 23 > لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا تتفاوت الأشياء في قدرته، فخلق السماوات والأرضين والعرش والكرسي والجنة والنار وما فيهما وغير ذلك، وخلق حبة من خردل سواء في السهولة. ومعنى كون الشيء أشد خلقا أنه بنظر عقولكم أشد، ومعنى كون الشيء أهون خلقا أنه أهون بالنظر إلى عقولكم، وبمعنى شديد أي هو عندكم وهين عند الله.
صفحہ 10
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا يدركه أحد بفعله ولا يتأثر به بل هو المؤثر في الأشياء، وخالق تأثير الأشياء في الأشياء. وأما قولهم: سبحان الله ما أعلمه! وسبحانه ما أقدره! وما أحلمه! ونحو ذلك فإنما جاز كما رواه جابر بن زيد ولو منعه بعض؛ لأن معنى التعجب من عظم علمه وقدرته وحلمه مثلا وليس الله هو المتعجب منه، تعالى الله عن التعجب، وليس المعنى أن شيئا عظيما صيره عالما وقادرا وحليما، بل هذا ليس مرادا على الحقيقة في المخلوق نحو: ما أعلم زيدا، ولو أرى توسعا فكيف الخالق؟.
قال جابر بن زيد: إن لله ملكا رأسه في السماء السابعة ورجلاه في الأرض السفلى إحدى زوايا العرش على كاهله يقول: سبحانك ما أعظمك. ويجوز ذلك في أفعاله ولو عند من منعه في صفاته نحو: ما أحسن صنع الله!.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا نوء ولا عدوى إلا بخلقه المطر عند النوء، وإلا بخلقه اقتباس المرض من مريض.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي يوصف بالجمال فيقال: الله جميل بمعنى انتفاء القبح عنه، فيكون من صفات السلب التي يراد مجرد نفي أضدادها لا حقائقها اللغوية، أو بمعنى أنه يخلق الجمال، أو بمعنى أن أفعاله جميلة كلها وليس في صفاته ولا أفعاله نقص، أو بمعنى أنه خلق الخير، وكذا هو خالق الشر، أو بمعنى أنه يأمر بالجميل فإن دينه جميل. وجاء في الحديث «إن الله جميل يحب الجميل». ومنعه بعض العلماء، كأنه لم يصح الحديث معه. اه. ومنعه على حسب ظاهره وأجازه على المعاني المذكورة.
<ج1/ 24 > لا إله إلا الله الحمد لله الذي يوصف بأنه متين كما جاء به القران، ومنعه بعض العلماء، ومعناه أنه قوي، أي غالب لا يعجزه شيء، وأنه لا يوصف بالضعف وأنه لا يمنعه مانع عما أراد. ولا وجه لمنعه إلا دفع الإيهام لأنه ورد في القران كيف يمنعه؟!.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي هو صبور، بمعنى أنه لا يعجل بالعقوبة بل يمهل، وجاء به الأثر، ومنعه بعض العلماء.
صفحہ 11
لا إله إلا الله الحمد لله الذي هو حليم لا يعجل بالعقوبة.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي هو حنان أي رحمن. وهو منان أي منعم. ومنع أصحابنا هذا الوصف، قال ابن عباس: «والله ما أدري ما الحنان!». وذلك منع منه وإنما ذكرته لذكره في بعض الآثار، ولأنه كرحمن.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا خالق سواه، فخلقه لا يحتاج إلى خلق لذلك الخلق، بل الخالق الفاعل لذلك الخلق بلا تقدم خلق لهذا الخلق. والتوحيد منا كسب لنا وفعل لنا وخلق من الله، وإن شئت فقل: فعل الله أيضا لا بمعنى الكسب والنطق والاعتقاد، حاشاه عن ذلك، بل معنى أنه الخالق له منا، والخلق فعل، والمعنى: أمره به وإنزال فرضه، وكتابته في اللوح المحفوظ. وكذا كل فعل لنا هو خلق الله وفعل له أيضا من حيث إنه خلقه، والخلق فعل، وكما أمر به ففعله فاعل فعله خلق له جل جلاله وفعل له أيضا؛ لأن الخلق فعل وأمره به، والأمر فعل، وكاتب له في اللوح المحفوظ، والكتابة فعل، ومعنى كتابة الله في اللوح أمره بها.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي وحده حقيقة التوحيد من اعتقد أنه ليس كمثله شيء. وذكر أبو المؤثر أن هذا أقل ما يكون به الإنسان موحدا، أو أراد - والله أعلم - أنه أقل بالنسبة إلى ما يعرفه مع ذلك من الصفات والدلائل.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي هو مريد لجميع الكائنات من <ج1/ 25> خلقه ولو معاص، ومن أفعاله سبحانه وتعالى.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا يقال إنه مربد لصفاته الذاتية؛ لان ذلك حدوثها. ولا غير مريد لها لأن هذا يوهم الاضطرار.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا يجب عليه من رزق وخلق وإيجاد عقل وإرسال الرسل وإنزال الكتب والثواب والعقاب وغير ذلك من أمور الدين والدنيا والآخرة.
صفحہ 12
لا إله إلا الله الحمد لله الذي جعل الحق مع واحد في الديانات، فنقول معشر الإباضية الوهبية: الحق ما نحن عليه والباطل ما عليه خصومنا؛ لأن الحق عند الله واحد. ومذهبنا في الفروع صواب يحتمل الخطأ، ومذهب مخالفينا خطأ يحتمل الصدق.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا يتصف بالألم ولا باللذة؛ لأن ذلك نقص واستكمال تعالى الله عنهما.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي تنزه عن حلول المعاني والآفات.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا يزاد ولا ينقص ولا يتغير.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا يتحرك ولا يسكن؛ لأن ذلك من صفات الأجسام ومن صفات الحال في الأماكن.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي لا ند له ولا ضد ولا قرين ولا شبيه ولا مثل، والند والمثل والضد ما لا يجتمع مع غيره، وبمعنى المثيل والقرين بمعنى المقارن لغيره في قتال أو علم أو غيره، والشبيه: المثل، وقيل: المثلان من نوعين والشبيهان من نوع، وقيل: الشبيه المشارك في أكثر الأوصاف حتى كأنه يشتبه ويلتبس به، وكأنه قائم مقامه، والمثل دون ذلك، والشكل: المثل، وقيل: الشكل الذي يشاكل غيره في طبعه أو وصفه من أنحائه. وفي الألفاظ يقال: المشابهة: الموافقة لفظا ومعنى، والمشاكلة: الموافقة لفظا لا معنى. ويقال: مثل الشيء ما شاركه في أخص أوصافه، كما تقول: فلان مثل فلان، أي مشارك له في أخص أوصافه التي هي الناطقية مثلا، إذ هي فضله المميز به عن غيره، ويشبه الشيء ما شاركه في أخص أوصافه كما تقول: فلان يشبه الحيوان في الإدراك إذ ليس <ج1/ 26> أخص أوصاف الحيوان الإدراك بل أخص أوصافه التحرك بالإرادة والإحساس.
لا إله إلا الله الحمد لله الذي ألهمنا توحيده.
صفحہ 13
وقعت مجادلة بين الحسن البصري وقدري قال القدري: جل ربنا عن الفحشاء، يعني أنه يعيب علينا قولنا: إن الله خلق معصية العاصي وأرادها. قال الحسن: تعالى ربنا أن يكون في ملكه غير ما شاء، قال القدري: أفيحب ربنا أن يعصى؟ قال الحسن: أراد أن لا يعصى أفيعصى ربنا قهرا؟ قال: أرأيت إن جنبني الهدى وسبب إلي الردى أحسن إلي أم أساء؟ قال الحسن: إن كان كله فعله فيما تملكه فقد أساء، وإن كان فعله فيما يملكه فإنه يخص برحمته من يشاء ويفعل في ملكه ما يشاء. قال القدري: هل رأيت ربك حين عبدته؟ قال الحسن: ما كنت أعبد ربا لم أره ! قال القدري: وهل تراه العيون بمشاهدة الأعيان؟ قال: لا ولكن تراه القلوب بحقائق الإيمان، معروف بالدلالات، مشهور بالعلامات، لا يجور في القضيات. فولى القدري يقول: الله يعلم حيث يجعل رسالته.
تم هذا الكتاب بعون الله الملك الوهاب.وقعت مجادلة بين الحسن البصري وقدري قال القدري: جل ربنا عن الفحشاء، يعني أنه يعيب علينا قولنا: إن الله خلق معصية العاصي وأرادها. قال الحسن: تعالى ربنا أن يكون في ملكه غير ما شاء، قال القدري: أفيحب ربنا أن يعصى؟ قال الحسن: أراد أن لا يعصى أفيعصى ربنا قهرا؟ قال: أرأيت إن جنبني الهدى وسبب إلي الردى أحسن إلي أم أساء؟ قال الحسن: إن كان كله فعله فيما تملكه فقد أساء، وإن كان فعله فيما يملكه فإنه يخص برحمته من يشاء ويفعل في ملكه ما يشاء. قال القدري: هل رأيت ربك حين عبدته؟ قال الحسن: ما كنت أعبد ربا لم أره! قال القدري: وهل تراه العيون بمشاهدة الأعيان؟ قال: لا ولكن تراه القلوب بحقائق الإيمان، معروف بالدلالات، مشهور بالعلامات، لا يجور في القضيات. فولى القدري يقول: الله يعلم حيث يجعل رسالته.
تم هذا الكتاب بعون الله الملك الوهاب.
----NO PAGE NO------
نامعلوم صفحہ