قالت إيف: «لا أدري، ربما كنت سأقف لو علمت أنك فتاة؛ فلم أرك جيدا قبلها.» «نعم. لا أبدو كفتاة الآن، بل أبدو قذرة. لا أقول إنني لا أحب الاحتفال، بل أحبه، لكن شتان بين احتفال وآخر. أتفهمينني؟»
استدارت في مقعدها وأخذت تنظر بثبات إلى إيف، حتى اضطرت إيف أن ترفع عينها عن الطريق لحظة وتبادلها النظر؛ فرأت أن الفتاة أكثر ثملا مما تبدو. كانت عيناها البنيتان الغامقتان باهتتين بلا بريق - وإن كانتا واسعتين، بل ومستديرتين، فيما يبدو، لشعورها بالإرهاق والتعب - كما بدتا لإيف أنهما كسائر عيون السكارى تنقلان لها نفس الرسالة الاستعطافية، وإن كانت بعيدة المنال، في إصرارهما - كمحاولة أخيرة - على خداع من أمامهما. كان جلدها مغطى بعلامات وبقع في بعض المناطق، وجافا في مناطق أخرى أكسبها الجفاف لونا مختلفا عن لون بشرتها، ووجهها بأكمله مجعد من فرط الشراب. كانت فتاة بيضاء البشرة غامقة الشعر - إذ كان لشعرها الذهبي الصبغة المثبت لأعلى جذور غامقة متروكة عن عمد ومثيرة للاشمئزاز - ولها من الجمال، إذا تغاضينا عن مظهرها القذر الحالي، ما يجعل المرء يتساءل ما سلكها مع هارولد ورفاقه. كذلك فإن أسلوب حياتها والذوق السائد في تلك الأيام لا بد أنهما سلبا من وزنها الطبيعي خمسة عشر أو عشرين رطلا، لكنها لم تكن طويلة، ولم تكن قط أكثر ميلا إلى طباع وسلوك الرجال، بل كانت تنزع في الواقع لأن تكون فتاة قصيرة جذابة، كقطعة حلوى.
قالت الفتاة: «هيرب هذا مجنون؛ كيف يدخلك هذا البيت بهذه الطريقة؟ لقد فقد عقله.»
قالت إيف: «أدركت هذا.» «لا أعرف ماذا يعمل هناك، أظنه خادما لدى هارولد، لكنني لا أعتقد أن هارولد يستفيد منه خير استفادة.»
لم تعتقد إيف يوما أنها قد تنجذب إلى النساء انجذابا جنسيا، كما أن تلك الفتاة بحالتها الرثة القذرة لم تكن لتجذب أي شخص. لكن ربما لم تعتقد الفتاة أن هذا صحيح؛ فلا بد أنها اعتادت على أن ينجذب الناس إليها؛ ففي لحظة ما، ألقت يدها لتمسح على فخذ إيف العارية - بعد حافة سروالها القصير - في حركة مدروسة بالرغم من كونها ثملة كصاحبتها؛ إذ كان سيصبح من المبالغة الشديدة أن تفرد أصابعها وتمسك بفخذها من المرة الأولى. كانت حركة مدروسة آملة وتلقائية، لكنها مع هذا تفتقد أي شهوة حقيقية عنيفة حميمية تمزقها إربا، حتى إن إيف شعرت أن يد الفتاة ستسقط من فخذها بتلقائية شديدة على حشية مقعد السيارة وتلامسه.
قالت الفتاة، وقد بدا صوتها - مثل يدها - يشق طريقه بجهد عبر حنجرتها لنقلها هي وإيف إلى مستوى جديد من الحميمية: «إنني جيدة. تعرفين عما أتحدث عنه؟ جيدة.»
قالت إيف سريعا: «بالطبع.» بعدها عادت اليد التي لاطفتها إلى صاحبتها العاهرة المتعبة، لكنها لم تفشل في مهمتها كلية؛ فبالرغم من جرأتها وافتقادها للمشاعر فإنها كانت كافية لتحرك بعض المياه الراكدة.
كم امتلأت إيف شكا بسبب احتمال حدوث هذه العلاقة بطريقة أو بأخرى، ذلك الاحتمال الذي ألقى بظل على الماضي الذي سبق تلك اللحظة، على كل ما حدث في حياتها من علاقات مثيرة للمتاعب تتسم بالتهور من ناحية، وعلاقات جادة تفيض أملا من ناحية أخرى، إلى جانب علاقاتها الأخرى التي لم تندم عليها إلى حد ما. لم يكن شعورا حقيقيا فاجأها بالخزي أو الخطيئة؛ وإنما مجرد ظل مشين. كم ستكون دعابة سخيفة إذا ما بدأت تعبث الآن بعد أن كان سجلها نقيا وصفحتها بيضاء!
لكن قد لا يؤثر هذا على سجلها؛ إذ كانت دائما تواقة للحب.
قالت: «إلى أين تريدين الذهاب؟»
نامعلوم صفحہ