ومملكة الله هذه لا صلة لها بمملكة الأرض ودولتها ...
لقد كان هذا هو ظن تلامذة المسيح ومعاصريه .. ولكنه أعلنها قوية أمام «بيلاتوس» عندما قال إن مملكتي ليست من هذا العالم.
22
وهي كذلك لا تتصل بالكنيسة المنظورة ولا شأن لها بطقوس العبادة، لأنها من شأن العقل والقلب والحرية. ستأتي إذن مملكة الله، وسيشدو بها هلدرلين بعد ذلك في حماس وحنين لا نظير له في روايته «هيبريون» وسيقول إن الدولة لن تقيمها، بل سيمنحنا إياها ربيع الشعوب، وتدثرنا في سحابة ذهبية وتحملنا بعيدا فوق الموت والفناء. سنندهش ونصاب بالذهول، وسنسأل نحن التعساء الذين طالما اشتقنا إلى الربيع: أحقا أصبحت مملكة الله لنا؟
ولكن متى يتم هذا؟ عندما تبزغ الكنيسة الجديدة، حبيبة الزمان، أجمل بناته وأصغرها من بين الأشكال القديمة البالية، عندما يستيقظ الإحساس بالإله في قلب الإنسان فيعيد إليه الشعور بألوهيته وشبابه ونضارته. إن هلدرلين لا يستطيع أن يبشر بها، بل يعترف أنه لا يحس بها ولا يمكنه أن يتنبأ بموعدها ولكنه على يقين من أنها ستأتي . فالموت هو رسول الحياة. وما دمنا نرقد اليوم كالمرضى ونحس دبيب الموت في أجسامنا ونفوسنا، فهذا بشير باليقظة القريبة، بشير بالربيع الجديد:
لهذا أحتفل اليوم بالعيد، وفي المساء في ظل السكون
تزدهر الروح حولي ولو جلل شعري المشيب،
مع ذلك أنصحكم يا أصحابي أن تعدوا
المأدبة والغناء، والباقات الوفيرة والأنغام،
في مثل هذا الزمن وكأننا شباب خالدون.
نامعلوم صفحہ