التي تلمس الفؤاد في الصميم.
قرية لاوفن على نهر النيكار (حفر يرجع لسنة 1800م).
في بلدة «لاوفن» الصغيرة، على ضفة نهر النيكار في منطقة «شفابن»، وفي دير قديم يسميه الفلاحون هناك «القرية الصغيرة»، ولد هلدرلين في العشرين من شهر مارس سنة 1770م ...
هناك كان وطنه المقدس الحبيب ...
عرف هلدرلين الوطن، وأحبه واشتاق دائما للرجوع إليه. ومع هذا فلم يعرف (قبل أن يصيبه الجنون على الأقل) مكانا يستريح إليه أو يقيم فيه. فهو دائما الغريب والمتجول الوحيد. لهذا تحمل كلماته التي يثني فيها على الوطن نغمة الكآبة والأنين. لقد أحب الوطن وصبر على الجراح العميقة من أجله وأعطاه كل ما يستطيع الإنسان أن يعطيه من قلبه وضميره. وظل هذا الوطن بالنسبة إليه عالما يفوح بالعطر ويموج بالسحر وترفرف عليه أجنحة الأساطير وأرواح الخالدين والأبطال. ولكنه لم يجد «البيت» الذي يهدأ تحت سقفه، ويشعر بالاطمئنان أمام موقده. شاء له القدر أن يبقى غريبا، قلقا، لا يكاد يستريح إلى مكان حتى يهجره إلى غيره. هو دائما التائه الذي يتردد نداؤه: إلى أين؟ وهو الغريب بلا وطن ولا سكن. يفتقد السعادة والزوجة والدفء والأمان. يفتقد الأرض الراسخة تحت قدميه. وتتكرر في شعره صورة الغريب الذي قدر عليه أن يقضي حياته بلا جذور، ويطارد كالوحش الجريح الذي لا يجد ظلا يأوي إليه ولا نبعا يبل فيه جراحه. وهو لهذا يتحسر على الحياة البعيدة كالحلم:
سعيد من يحب زوجته الطيبة في هدوء،
ويحيا أمام موقده في الوطن المجيد،
على أرض ثابتة تشع السماء
للرجل المطمئن بضوء جميل.
لأن روح المخلوق الفاني،
نامعلوم صفحہ