12
فأصبح فينا أحمد في أرومة
تقصر عنه سورة المتطاول
حدبت بنفسي دونه وحميته
ودافعت عنه بالذرا والكلاكل
فأيده رب العباد بنصره
وأظهر دينا حقه غير باطل
13
الدولة
هذا ما بلغ إليه أمر مكة؛ المحطة الكبرى على طريق ترانزيت العالم، تلك التي تحولت إلى حاضرة كبيرة، في وقت تصاعد فيه الشعور القومي العربي في بطاح الجزيرة على اختلافها، وبلغ مداه في تضامن متأجج مع عرب قبائل شيبان وعجل وبكر بن وائل ضد الفرس العجم، والفرح الاحتفالي الهائل الذي امتد شهورا في بقاع الجزيرة بانتصار هذا الحلف على الفرس أو العجم، والذي ترك أثره في الفهم العربي الكلاسيكي الذي يقسم الناس إلى عرب وعجم. والفرح الثاني الذي تمثل في هرع القبائل العربية جميعا إلى الجنوب، تزفها البشرى ويدفعها الإحساس الفخري لتهنئ سيف بن ذي يزن بالاستقلال عن الأحباش؛ فقد كانت قبائل بكر وشيبان وعجل هي محطة المرور الأخيرة والكبرى على حدود فارس الغربية مع الجزيرة العربية، أما اليمن فكانت منذ القديم أخطر محطة تجارية على خطوط العالم القادمة من الصين والهند وشرقي أفريقيا، لتصب في بحر رمال الجزيرة، لتحملها سفن الصحارى إلى الشمال حيث إمبراطوريات ذلك الزمان؛ «فالأمر كان نزعة قومية واضحة ترتبط بمصالح اقتصادية أشد وضوحا»، حتى إن القرآن الكريم نفسه عندما جاء بعد ذلك، أبدى تعاطفه الكريم مع أصحاب الأخدود في اليمن، وهم مسيحيون اضطهدوا من قبل ذي نواس اليهودي المعضد من عجم فارس. ثم أبدى تعاطفه مع الروم بحسبانهم امتدادا طبيعيا للخط التجاري المكي؛ فإنه من وجهة نظر دينية بحتة إنما عاضد الديانة المفترض أنها الأصح قبل ظهور الإسلام، وبحسبانها الديانة الناسخة للديانة اليهودية. وبرغم ذلك، فإن القومية تبرز بوضوح جلي في موقفه من أصحاب الفيل؛ عندما يصبح الصراع بين المسيحية (برغم كونها كانت الديانة الصادقة في المنظور الديني قبل ظهور الإسلام)، وبين مكة رمز العروبة والروح القومية (برغم كونها كانت حتى عام الفيل مركزا من أخطر المراكز الوثنية في العالم)، وبالطبع مع اعتبار العامل الاقتصادي الذي دفع الحبشة لمحاولة احتلال مكة التي لم تعد في ذلك الوقت مجرد محطة تأخذ العشور والضرائب، وإنما تحول أهلها إلى امتلاك هذه التجارة، فكانوا يشترون تجارة اليمن والشام بأموالهم ويحققون الفائض الذي يحددونه هم أصلا.
نامعلوم صفحہ