تاريخ التراث العربي لسزكين - الشعر
تاريخ التراث العربي لسزكين - الشعر
ناشر
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
اصناف
وجنّاد الشرقى بن القطامى، وخلف الأحمر، والمفضّل الضبى، وأبو عمرو الشيبانى، ومن أشهر هؤلاء وأهمهم أبو عمرو بن العلاء وحماد الراوية، وتذكر المصادر أسماء كثيرة أخرى غير هؤلاء جميعا، لقد تلقى أبو عمرو بن العلاء شعرا كثيرا لعرب الجاهلية عن الشعراء الرواة، وروى أبو عمرو بن العلاء بشهادة تلميذه أبى عبيدة «عامة أخباره عن أعراب قد أدركوا الجاهلية»، وكانت كتبه التى كتب عن العرب الفصحاء قد ملأت بيتاله إلى قريب من السقف، ثم إنه تقرّأ (١٥١) فأحرقها كلها» (١٥٢).
ويتضح من الأخبار التى نعرفها اليوم أن قسما كبيرا من الشعر العربى المبكر كان متاحا فى دواوين القبائل. وكان العمل الأساسى للغويين فى القرن الثانى الهجرى/ (الثامن الميلادى) يقوم من ناحية، على جمع دواوين الشعراء، وتكوين هذه المختارات، اعتمادا على تلك المجموعات، ومن ناحية أخرى على تهذيب دواوين القبائل، وإكمالها اعتمادا على ما تجمع لديهم من مواد جديدة.
فإذا نظرنا إلى الشواهد التى لا يرقى إليها الشك لاستخدام الكتابة فى الجاهلية، واستمرار استخدامها فى العصر الإسلامى، تحتم علينا أن نتساءل عن مدى الاعتماد على الروايات الشفوية المحضة فى جمع الشعر الجاهلى فى القرن الأول الهجرى (السابع الميلادى).
لقد سبق أن ذكرنا أن بعض الدراسات فى القرن التاسع عشر قد أشارت إلى استخدام الكتابة فى تدوين الشعر العربى القديم، ولكن هذه الدراسات لم تصل إلى تصور أن لغويى القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادى) قد وصلت إليهم روايات مكتوبة، وشبيه بهذا ما كان فى علم الحديث، فقد كان ثمة اعتقاد بالتدوين المبكر لأقوال الرسول ﷺ، وساد- بالرغم من هذا- رأى بأن مؤلفى كتب الحديث
_________
(١٥١) شرح المحقق الكبير عبد السلام هارون كلمة تقرأ أنها تعنى: تنسك. واعتمد فى ذلك على ترجمة أبى عمرو بن العلاء فى وفيات الأعيان لابن خلكان.
(١٥٢) النص عن البيان والتبيين ١/ ٣٢٠، ويبدو أن معاصرين آخرين لأبى عمرو بن العلاء كانوا قد رووا عن رواة أدركوا الجاهلية، انظر: مصادر الشعر الجاهلى، لناصر الدين الأسد ٢٧٠ - ٢٧٣.
1 / 40