207

History of Andalusian Literature (Era of the Taifas and Almoravids)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين)

ناشر

دار الثقافة

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

اصناف

المخوف والجواد الطائر والكلب الذي يجري وراء الطريدة والمجلس الصاخب والشجرة التي تهزها الريح حتى تكاد تقتلعها والبحر في هياجه والحية وهي تتلوى، وكلها صور تستدعي الانفعال والحركة الشديدة والجيشان: فالبرد حاصب كأنه عذاب ذائب تضحك له الأرض والجو جهم قاطب، والفرس يمزق ثوب العجاجة، ونقدح منه الهيجاء بارقا ملتهبا، فكأنه نجم ثاقب يرمي شيطان العدا، أو شعلة نار تكاد تحرق فحمة الليل، والكلب كاشر عن نصاله لو تعاطى سبق البرق لسبقه؛ والثعبان إذا استطار به النجاء نيزك، وهو يتلوى بيد الهاجرة كأنه سوط خافق. ويفضل الشاعر ان يصف البازي ويؤثر على ذلك على وصف الحمامة، فإذا وصفها جعلها معولة ترن. وقد تكون السحابة ثقيلة بطيئة الحركة ولكنها مع ذلك " يدوس " الظلماء، وهو لا يزور الغاب أو يمشي في أرجائه وإنما " يخبطه "، والرياح لا تهب وإنما " تنقض ذوائبها " إلى غير ذلك من صور كبيرة عنيفة.
فإذا كان المنظر بطبيعته هادئا لا تحتمل الصور التي يوحي بها عنفا لجأ الشاعر في تصويره إلى استخدام الموسيقى العنيفة كقوله في وصف متفرج (١):
وصقيلة النوار تلوي عطفها ... ريح تلف فروعها معطار
عاطى بها الصهباء أحوى أحور ... سحاب أذيال الصبا سحار
والنور عقد والغصون سوالف ... والجزع زند والخليج سوار
بحديقة مثل اللمى ضلا بها ... وتطلعت شنبا بها الأنوار

(١) المصدر نفسه: ٢٨١

1 / 213