وتركتها تصرخ وذهبت إلى شقة عبد النبي أفندي. رحمة الله عليه، لم يستطع أن يظل صامتا فكان احتجاجه هو الموت.
وحين علقت زوجتي بعد ذلك على الحادث قالت: إياك أن تموت. يا حبيبتي يا زنوبة من يوم موت زوجها لم نسمع لها حسا.
وهكذا أنا أعرف أنها تريدني ليسمع الجميع حسها، ولتعلن بوجودي وجودها. الحر شديد، شديد.
الحر شديد، شديد، ولكنني وصلت البيت أخيرا، ما هذا الجمع أمام المنزل؟ خيرا، لقد ماتت نبوية، زوجتي، نبوية، ماتت نبوية، ما هذه البطيخة؟ لقد كنت خائفا أن يمسها شيء من الزفت، أستطيع الآن أن ألقي بها جميعا إلى الزفت ولن يسألني أحد لماذا فعلت هذا، وهذا العيش أستطيع أن أهبه لهؤلاء الواقفين، على روح المرحومة، أمرحومة هي؟ إذا رحمها الله فسوف أطلب منه سبحانه وتعالى أن يرسلني إلى جهنم.
حلوة هي الحياة الحرة الطليقة، سعيد أنا، أعود حين يحلو لي أن أعود، وأذهب إلى المقهى حين أشاء، وأتغدى حيث أشاء، وأتعشى أينما أشاء، حلوة هي هذه الحياة الحرة، قد يعتريني بعض الملل أو قد أحب أن أتغدى في البيت فلا أستطيع، ولكن حلوة الحرية. لقد مرت ستة شهور وأنا أتمتع بحريتي كاملة ، لكم أنا سعيد بحريتي هذه! اليوم سأخرج في موعدي في الصباح لأذهب إلى المكتب، وحين أعود لن أكون حاملا شيئا، وسأهز ذراعي ما حلا لي الهز، لا أدري لماذا أجد ذراعي مثنيا كلما انتبهت إليه وأنا سائر؟ لماذا أحس دائما أنني أحمل شيئا مع أنني لا أحمل شيئا؟ اليوم سأتحرى أن أهز ذراعي لأنني لا أحمل شيئا. - أهلا ست زنوبة، صباح الخير. - أهلا وسهلا، صباح الخير، هل جاء ميعاد المكتب؟ - والله أمامي وقت. - اتفضل اشرب قهوة. - لقد كنت أريد أن أجيء إليك من زمان. - أهلا وسهلا، أحضر لك القهوة. - اقعدي فقد تغيرين رأيك وتحضرين شيئا آخر. - أمرك. - أنا الآن كما تدرين عازب، وأنت أيضا، ما رأيك لو تزوجنا؟ - والله معقول. - على بركة الله.
لا تدري
- لا. - لماذا؟ - لا أدري. - أراك؟ - ماذا تريد من رؤيتي؟ - نتفاهم. - علام نتفاهم؟ - على هذا الموقف. - ليس هناك موقف. - ولا هذا الامتناع؟ - لا أريد. - بدون سبب؟ - بدون سبب. - ماذا فعلت؟ - لم تفعل شيئا؟ - إذن ... - لا أريد. - أليس هذا موقفا؟ - ليكن موقفا. - لنتفاهم إذن. - بدون تفاهم. - هناك غيري؟ - من هذه الجهة تستطيع أن تطمئن. - إذن نلتقي. - لا أرى فائدة من اللقاء. - فهل ترين فيه ضررا؟ - أبدا. - إذن ... - لا فائدة من هذا اللقاء. - ولكن أرى أنه ضروري. - إنك تستطيع أن تقول كل ما تريد في التليفون. - هناك أشياء لا يستطيع التليفون أن يحلها. - هذه الأشياء لن تحل. - مجرد أن أراك هام عندي. - لا داعي لذلك. - أنت خائفة؟ - مم أخاف؟ - ألا تستطيعي مقاومتي؟ - أتظن ذلك؟ - أنا واثق. - حيلة قديمة. - أين الحيلة؟ - لنلتقي. - لتكن حيلة. - لا تنطلي علي. - ما دمت قد فهمت الحيلة فلا مانع من اللقاء. - إذا كنت مصمما. - ألا ترغبين في هذا اللقاء؟ - لا أرى له فائدة. - إذن نلتقي. - إذا شئت.
ما هذا التصميم؟ لماذا؟
إن كل الأسباب التي جدت تدعو إلى اللقاء، ماذا ألم بها؟ ماذا جنيت؟ لماذا تغيرت علي؟ لقد دعتني أول الأمر، لم أفكر فيها يوم سكنت العمارة، حتى ابتسامتها التي كانت تلقيها إلي كل صباح عند خروجي كنت أظنها ابتسامة مبذولة لجار جديد، وكنت أردها بابتسامة أعتقد أنها كانت ابتسامة بلهاء، عرفت أنني حاصل على ليسانس الحقوق، ولم أعجب أنها عرفت؛ فسكان العمارات حديث مشاع لبعضهم البعض، ولكني عجبت يوم دق الجرس فوجدتها تدخل إلى بيتي؛ استشارة قانونية لقريبة لها مات زوجها، وهي حائرة مع أهله، والذين يتعلمون المواريث، يتعلمون كيف ينسونها في اللحظة التي يغادرون فيها كرسي الامتحان، فأصبحت أمامها أكثر حيرة من قريبتها مع أقارب زوجها. - أبحث الموضوع وأرد عليك. - متى؟ - غدا. - وهو كذلك، متى؟ - أجيء إلى حضرتك الساعة الخامسة. - تجيء؟ - نعم. - إلى البيت؟ - إذا لم تري مانعا. - أنا لا مانع عندي، ولكن أعتقد أن زوجي يمانع. - زوجك؟ - ماذا؟ غريبة؟ - إذن ... - أجيء أنا إليك في السادسة، إنه يخرج دائما قبل السادسة.
وجاءت، ولم تسأل عن الفتوى التي مكثت الساعات أبحث عن جوابها، لم تسأل عن الفتوى، ولست غبيا إلى الدرجة التي تتصورها؛ حين دخلت بدأت أجيب فتواها، فإذا هي تغير الموضوع دون أي اهتمام بحيرة قريبتها.
نامعلوم صفحہ