135

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر

حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر

تحقیق کنندہ

محمد بهجة البيطار - من أعضاء مجمع اللغة العربية

ناشر

دار صادر

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

١٤١٣ هـ - ١٩٩٣ م

پبلشر کا مقام

بيروت

والحلم، والاجتهاد في الإصلاح بالحمية والغيرة لنفع الوطن وتشييد عماده، وثناء أهل الدين عليه دليل أعماله الخطيرة، ومساعيه المشكورة، في سبيل عمران تلك الولاية وإنماء ثروتها وتوطيد راحتها، واستئصال اللصوص من أنحائها وضواحيها. ولما كانت ولايته الحالية مشمولة بعناية خصوصية من لدن حضرة صاحب الشوكة والاقتدار مولانا السلطان عبد الحميد خان المعظم وكان حضرة المترجم المشار إليه منصبًا على تنفيذ نواياه الخيرية، لإسعاد التبعة والرعية، جاء بآثار جليلة، وأعمال جميلة، أكثرت في الولاية السورية أسباب العمران والنجاح، وفي الولاية السورية عدد ليس بقليل ما برح سائبًا في فيافي البدوية مغلولًا بأصفاد اليبوسة لسلب الراحة مكدرًا لصفاء الأمن بالاعتداء على أبناء السبيل متعودًا التمرد مكابرًا للإصلاح، وطالما كان هذا الفريق موضوعًا لاهتمام أسلاف أبهته من الولاة العظام، دون أن يترتب على ذلك الأثر المطلوب لأن بعضهم كان يأخذه بالعنف ويقابل خشونته بالقسوة والجفا فيعاقبه تارة بالضرب وطورًا بالتنكيل، وآونة بالحرب والتدمير، فكان يزداد تماديًا في البغي وتطاولًا في العتو، لأن ذلك كان عبارة عن مقابلة الخشونة بما يشاكلها، فكان أولئك القوم كالنقطة السوداء في صفحة محيا سورية البيضاء، وأما المترجم المومى إليه فأخذ يلين قسوتهم بالحلم والرفق والحكمة، داخلًا البيوت من أبوابها، فتسنى له المطلوب دون أن يريق قطرة من الدم أو يسلب لأحد مقدار ذرة، فإن السواد الأعظم منهم دخل ربقة الطاعة، وذاق حلاوة السكون والتمتع بتركات الوطن تحت ظلال الأمن والراحة، وأوشك أن يعرف فضل العلم فتمسك بأسبابه، وتعلق بأهدابه، فترى المدارس تنشأ في أعالي الجبال وأعماق الأودية لتثقيف العقول وتهذيب الأخلاق، والأراضي المهملة تصلح

1 / 137