حلية الأولياء و طبقات الأصفياء
حلية الأولياء و طبقات الأصفياء
ناشر
مطبعة السعادة
پبلشر کا مقام
بجوار محافظة مصر
قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي أُمَّتِي مَنْ أُمِرْتُ أَنْ أَصْبِرَ نَفْسِي مَعَهُمْ» رَوَاهُ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ سَلْمَانَ مُطَوَّلًا فِي قِصَّةِ الْمُؤَلَّفَةِ، ذَكَرْنَاهُ فِي نَظَائِرَهِ فِي كِتَابِ شَرَفِ الْفَقْرِ قَالَ الشَّيْخُ ﵀: وَالْمُتَحَقِّقُونَ بِالْفَقْرِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَتَابِعِيهِمْ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ أَمَارَةٌ، وَأَعْلَامُ الصِّدْقِ لَهُمْ شَاهِرَةٌ، وَبَوَاطِنُهُمْ بِمُشَاهَدَةِ الْحَقِّ عَامِرَةٌ، إِذِ الْحَقُّ شَاهِدُهُمْ وَسَائِسُهُمْ، وَالرَّسُولُ ﷺ سَفِيرُهُمْ وَمُؤَدِّبُهُمْ، وَحَقَّ لِمَنْ أَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا وَغُرُورِهَا، وَأَقْبَلَ عَلَى الْعُقْبَى وَحُبُورِهَا، فَعَزَفَتْ نَفْسُهُ عَنِ الزَّائِلِ الْوَاهِي، وَنَابَذَ الزَّخَارِفَ وَالْمَلَاهِي، وَشَاهَدَ صُنْعَ الْوَاحِدِ الْبَاقِي، وَاسْتَرْوَحَ رَوَائِحَ الْمُقْبِلِ الْآتِي، مِنْ دَوَامِ الْآخِرَةِ وَنَضْرَتِهَا، وَخُلُودِ الْمُجَاوَرَةِ وَبَهْجَتِهَا، وَحُضُورِ الزِّيَارَةِ وَزَهْرَتِهَا، وَمُعَايَنَةِ الْمَعْبُودِ وَلَذَّتِهَا، أَنْ يَكُونَ بِمَا اخْتَارَ لَهُ الْمَعْبُودُ مِنَ الْفَقْرِ رَاضِيًا، وَعَمَّا اقْتَطَعَهُ مِنْهُ سَالِيًا، وَلِمَا نَدَبَهُ إِلَيْهِ سَاعِيًا، وَلِخَوَاطِرِ قَلْبِهِ رَاعِيًا، لِيَصِيرَ فِي جُمْلَةِ الْمُطَّهِّرِينَ، وَيُحْشَرَ فِي زُمْرَةِ الضُّعَفَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَيُقَرَّبَ مِمَّا خُصَّ بِهِ الْأَبْرَارُ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَيَغْتَنِمُ سَاعَاتِهِ عَنْ مُخَالَطَةِ الْمُخْلِطِينَ، وَيَصُونُ أَوْقَاتَهُ عَنْ مَسْأَلَةِ الْمُبْطِلِينَ، وَيَجْتَهِدُ فِي مُعَامَلَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، مَقْتَدِيًا فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ بسَيِّدِ السُّفَرَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ
كَذَا حَدَّثَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي خَلَفٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا أَعْجَبَهُ نَحْوُ الرَّجُلِ أَمَرَهُ بِالصَّلَاةِ» قَالَ الشَّيْخُ ﵀: اسْتَوْطَنُوا الصُّفَّةَ، فَصُفُّوا مِنَ الْأَكْدَارِ، وَنُقُّوا مِنَ الْأَغْيَارِ، وَعُصِمُوا مِنْ حُظُوظِ النُّفُوسِ وَالْأَبْشَارِ، وَأُثْبِتُوا فِي جُمْلَةِ الْمُصْطَنَعِ لَهُمْ مِنَ الْأَبْرَارِ، فَأُنْزِلُوا فِي رِيَاضِ النَّعِيمِ، وَسُقُوا مِنْ خَالِصِ التَّسْنِيمِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، ثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، " ﴿وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ﴾ [المطففين: ٢٧]، قَالَ: «هُوَ أَشْرَفُ شَرَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِلْمُقَرَّبِينَ صَرْفًا، وَلِلنَّاسِ مِزَاجًا» ⦗٣٤٤⦘ قَالَ الشَّيْخُ ﵀: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ هُمْ أَخْيَارُ الْقَبَائِلِ وَالْأَقْطَارِ، أُلْبِسُوا الْأَنْوَارَ، فَاسْتَطَابُوا الْأَذْكَارَ، وَاسْتَرَاحَتْ لَهُمُ الْأَعْضَاءُ وَالْأَطْوَارُ، وَاسْتَنَارَتْ مِنْهُمُ الْبَوَاطِنُ وَالْأَسْرَارُ، بِمَا قَدَحَ فِيهَا الْمَعْبُودُ مِنَ الرِّضَا وَالْأَخْبَارِ، فَأَعْرَضُوا عَنِ الْمَشْغُوفِينَ بِمَا غَرَّهُمْ، وَلَهَوْا عَنِ الْجَامِعِينَ لِمَا ضَرَّهُمْ مِنَ الْحُطَامِ الزَّائِلِ الْبَائِدِ، وَمُسَالَمَةِ الْعَدُوِّ الْحَاسِدِ مُعْتَصِمِينَ بِمَا حَمَاهُمْ بِهِ الْوَاقِي الذَّائِدُ، فَاجْتَزَوْا مِنَ الدُّنْيَا بِالْفَلَقِ، وَمِنْ مَلْبُوسِهَا بِالْخِرَقِ، لَمْ يَعْدِلُوا إِلَى أَحَدٍ سِوَاهُ، وَلَمْ يُعَوِّلُوا إِلَّا عَلَى مَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ، رَغِبَتِ الْمَلَائِكَةُ فِي زِيَارَتِهِمْ وَخُلَّتِهِمْ، وَأَمَرَ الرَّسُولُ ﷺ بِالصَّبْرِ عَلَى مُحَادَثَتِهِمْ وَمُجَالَسَتِهِمْ "
1 / 343