8
التي عاناها آباؤنا ونحن في الصغر، فجددت بهذه الذكريات الأحقاد، وأذكيت الأضغان، وأججت في قلوبهم الشوق إلى الاقتصاص منه.
وأمعنت فعرضت أمامهم صورا لتلك الوقائع المبكية التي كانت فيها روما تمزق احشاءها بيديها، فكانت العقاب تقاتل العقاب في كل مكان، وكتائبنا تتسلح لتقضي بسلاحها على حريتها، وخيرة الأجناد وأشجع الرؤساء لا يرون المجد كل المجد إلا في النزول إلى مصاف العبيد. ويضيفون إلى دنس قيودهم عار التطلع إلى سلك العالم وراءهم في سلسلة من الأسار.
9
وزاد في الطامة أن التهيام بالشرف المرذول في تسويد طاغية على الخافقين، حبب إلى جميعهم إثم الخيانة والغدر، فكان الرومان على الرومان، والأقارب على الأقارب، يتطاحنون لا لشيء سوى اختيار الباغي إثر الباغي.
وأضفت إلى هذه الصور أروع وصف لوفاقهم الأثيم، البعيد عن الرحمة، الذي جاء نحسا على أهل الخير، وعلى الأغنياء، وعلى أشياخ الندوة، والذي جمعت فيه الجرائم باسم حكومة الثلاثة.
على أنه أعجزني اتخاذ أشد الألوان سوادا لوصف تاريخهم الحفيل بالفواجع، فاجترأت بأن صورتهم لهم ثملين نصرا، نازفين من التقتيل في الميادين العامة. وكشفت لهم عن روما غريقة في دماء أبنائها وقد سفكت مهج أناس منهم وجدل
10
غيرهم في محاريب آلهتهم حماة دورهم. أغري الشرير منهم بالأجر فتمادى في إجرامه، وذبحت الزوج زوجها في سرير منامه، واحتمل الولد رأس أبيه في يده وهو يتصبب دما، وانبرى يطلب كراءه. كل ذلك ذكرته على أنه رسم ناقص للفظائع الرهيبة التي يقوم عليها أمنهم وسلامهم المريب ...
أأعد لك من أسماء أولئك الأعاظم الذين وصفت مناياهم لشحذ العزائم أم أعد أولئك المغضوب عليهم الذين كانوا أنصاف آلهة فنحروا حتى في صدور الهياكل؟
نامعلوم صفحہ