حكايات شاعرية
حكايات شاعرية: قصائد قصصية من الأدب الألماني الحديث
اصناف
9 - صار العبد الخاضع سيد نفسه
نبذة عن كل شاعر
حكايات شاعرية
حكايات شاعرية
قصائد قصصية من الأدب الألماني الحديث
جمع وترجمة
عبد الغفار مكاوي
تمهيد
(1) لم يؤثر في نفسي فن من فنون الشعر الغربي كما أثرت فيها «البالادة»؛ أي القصيدة القصصية أو القصة الغنائية. أتيح لي في سنوات الطلب أن أطلع على بعض نماذجها الخالدة للشاعرين: جوته وشيللر، اللذين يمثلان الذروة التي بلغتها، سواء في مرحلة شبابهما العاصف المندفع، أو في مرحلتهما الكلاسيكية المتزنة المتوازنة. ثم تيسر لي على فترات متقطعة أن أقرأ بعض «البالادات» لشعراء مختلفي الميول والاتجاهات من القرنين التاسع عشر والعشرين، فأدركت بفطرتي مدى تنوع هذا الفن الشعري تنوع الحياة نفسها بكل ما فيها من حب وكره، وحزن وشجن، وسحر وخرافة، وغدر وظلم، وبؤس وتعاسة، وحلم دائم بالممكن أو بالمستحيل، وطموح لتغيير الأوضاع الظالمة بالإرادة الثورية، والرغبة في تحقيق عالم إنساني ومستقبلي خال من علاقة السيد والعبد، والغني المتخم والفقير المعدم، والمستبد المتجبر والضحية البريئة، ولعلني قد أدركت بفطرتي أيضا أمرا لا يقل أهمية عما سبق، وهو أن «البالاد» مجمع فنون أدبية مختلفة تؤلف بين أساليبها التعبيرية وموضوعاتها وأشكالها وموادها في وحدة غنائية تنتظر دائما من يستمع لها وينصت لألحانها؛ ففيها السرد الذي أخذته من الملحمة والقصة والرواية، وفيها الصراع والحوار اللذان استعارتهما من الدراما، وفيها العاطفة الأسيانة والشجن العميق الرقيق اللذان يجريان مجرى الدم في عروق الشعر الغنائي، وفيها - قبل ذلك كله - نصيب موفور من التأثر بالأغنية الشعبية بتراثها العريق وأشكالها ومضامينها البسيطة المؤثرة تأثيرا مباشرا على الوجدان، وهو تأثير تظل محتفظة به مهما تعقد شكل بنائها في مقطوعات وأوزان مختلفة الأطوال، ولوازم غنائية متكررة، وحرص على الإيقاع والقافية بطرق وأساليب متعددة، أو على التخلي عنها في كثير من الأمثلة النقدية المتأخرة من الناحية الزمنية.
وقد تبين لي بعد ذلك أن هناك من سبقني بسنوات طويلة، وبعمق ونفاذ بصيرة لا قبل لي بهما، إلى إدراك ما أدركته بفطرتي المباشرة العاجزة؛ فقد فطن شاعر الألمان الأكبر «جوته» (1749-1832م) إلى تلك الخصوصية النادرة في البالاد أو القصيدة القصصية، ونبه خلال حديثه عن الأنواع الأدبية - ضمن ملاحظاته وتعليقاته على «ديوان الشرقي للشاعر الغربي» - إلى الإمكانيات الثرية التي تنطوي عليها عندما كتب يقول:
نامعلوم صفحہ