حکایات اینڈرسن مجموعہ اول
حكايات هانس أندرسن الخيالية: المجموعة الأولى
اصناف
ارتعبت جيردا الصغيرة بشدة وبدأت في البكاء لكن لم يسمعها أحد سوى طيور السنونو التي لم تكن تستطيع حملها إلى البر، لكنها ظلت تطير قرب الضفة وهي تشدو قائلة: «نحن بقربك! نحن بقربك!» لعل غناءها يهدئ من روعها.
ذهب القارب مع التيار، بينما جلست جيردا الصغيرة في سكون تام لا يغطي قدميها سوى الجورب؛ فقد طفا الحذاء الأحمر وراءها، لكنها لم تستطع أن تصل إليه لأن القارب استمر في تقدمه مسرعا.
كانت ضفتا النهر بديعتين للغاية؛ فقد كان فيهما زهور جميلة وأشجار قديمة وحقول منحدرة ترعى فيها الأبقار والأغنام، لكن لم يكن هناك أي إنسان.
حدثت جيردا الصغيرة نفسها قائلة: «ربما سيحملني النهر إلى كاي الصغير.» وحينئذ صارت أكثر ابتهاجا، ورفعت رأسها وطالعت الضفتين الخضراوين الجميلتين. وهكذا ظل القارب مبحرا عدة ساعات، حتى بلغ أخيرا بستانا كبيرا للكرز، قام فيه منزل صغير ذو نوافذ حمراء وزرقاء غريبة. كان سطحه مغطى بالقش، ووقف خارجه جنديان خشبيان رفعا لها سلاحهما تحية حين مرت بهما بالقارب. نادت جيردا عليهما فقد ظنت أنهما حيان؛ لكنهما لم يجيبا بالطبع، وحين اقترب القارب من الشاطئ أكثر أدركت حقيقتهما.
إلا أن جيردا ظلت تنادي بصوت أعلى، فخرجت من المنزل سيدة عجوز جدا، متكئة على عكاز، ترتدي قبعة كبيرة لتحميها من الشمس، وكان مرسوما عليها شتى أنواع الزهور الجميلة.
قالت السيدة العجوز: «كيف استطعت أن تقطعي هذه المسافة البالغة الطول في العالم الواسع في مثل هذا التيار السريع الهائج يا أيتها الطفلة الصغيرة المسكينة؟» ثم خاضت السيدة العجوز في الماء، وأمسكت القارب بعكازها، وسحبته للبر، وأخرجت منه جيردا الصغيرة، التي سرها شعورها بالعودة للأرض الجافة مرة أخرى، رغم أنها كانت خائفة بعض الشيء من السيدة العجوز الغريبة.
قالت السيدة: «تعالي وأخبريني من أنت وكيف أتيت إلى هنا.»
أخبرتها جيردا بكل شيء، بينما راحت السيدة العجوز تهز رأسها وتقول: «همم، همم»؛ وحين انتهت جيردا من الكلام سألت السيدة العجوز ما إن كانت قد رأت كاي الصغير. أخبرتها بأنه لم يعبر ذلك الطريق، لكن ثمة احتمالا كبيرا أن يأتي. وطلبت من جيردا ألا تحزن وإنما تتذوق الكرز وتنظر إلى الزهور؛ فهي أجمل من أي كتاب مصور، فكل واحدة منها تحكي قصة. ثم أمسكت يدها، وأدخلتها إلى المنزل الصغير، وأغلقت الباب. كانت النوافذ عالية جدا، ولما كان زجاجها ملونا بالأحمر والأزرق والأصفر فقد سطع من خلالها ضوء النهار بشتى الألوان الفريدة. وكان على الطاولة بعض ثمار الكرز الجميلة، وقد سمح لجيردا بتناول العدد الذي تريده منها. وبينما كانت تأكلها مشطت السيدة العجوز خصلات شعرها الأشقر الملتفة بمشط ذهبي فانسابت الخصلات اللامعة على جانبي الوجه الحسن المستدير الصغير، الذي بدا في نعومة الوردة ونضارتها.
قالت السيدة العجوز: «طالما تمنيت فتاة صغيرة لطيفة مثلك، لذلك لا بد أن تبقي معي وتري كيف سنعيش في سعادة معا.» وفيما راحت تمشط شعر جيردا الصغيرة انحسر تفكير الطفلة في رفيقها كاي تدريجيا، فالسيدة العجوز كانت ساحرة لكنها كانت ساحرة طيبة؛ فلم تكن تمارس السحر إلا قليلا بغرض الترفيه عن نفسها، وحينذاك لأنها أرادت الاحتفاظ بجيردا. لذلك خرجت إلى الحديقة ومدت عكازها صوب كل أشجار الورد فغاصت في التو في غياهب الأرض، رغم ما كانت عليها من بهاء، دون أن تترك أدنى أثر على أنها كانت هناك. لقد خشيت السيدة العجوز أن ترى جيردا الصغيرة الورود فتفكر في تلك التي في دارها فتتذكر حينئذ كاي الصغير وترحل.
ثم اصطحبت جيردا لحديقة الزهور، وكم كانت عطرة وجميلة! كان فيها كل الزهور التي قد تخطر على البال، من أي موسم من مواسم السنة، متفتحة وذات ألوان لا يمكن لأي كتاب مصور أن يعرض ألوانا أشد منها جمالا. قفزت جيردا من السعادة ولعبت حتى توارت الشمس وراء أشجار الكرز الطويلة؛ ثم نامت في فراش أنيق، ذي وسائد حمراء من الحرير مزينة بزهور البنفسج، وراودتها أحلام سعيدة أنها ملكة في يوم زفافها.
نامعلوم صفحہ