حکایات اینڈرسن مجموعہ اول
حكايات هانس أندرسن الخيالية: المجموعة الأولى
اصناف
قال الصبي الصغير: «يقولون إنك تعيش وحيدا جدا في هذا المنزل.»
رد عليه الرجل العجوز: «نعم، لكن تتوارد على ذهني الذكريات السارة عن كل ما مضى، والآن جئتني أنت أيضا لتزورني، وهذا أمر طيب جدا.»
ثم أخذ من خزانة الكتب كتابا مليئا بالصور لمواكب طويلة لعربات رائعة لم يعد لها مثيل في العصر الحاضر، وجنود يشبهون الولد في أوراق اللعب، ومواطنين برايات خفاقة. كان الخياطون يحملون راية عليها مقص يحمله أسدان، أما راية صانعي الأحذية فلم يكن عليها حذاء طويل الرقبة وإنما نسر برأسين؛ فكل شيء لدى صانعي الأحذية لا بد أن يكون مرتبا في أزواج. يا له من كتاب صور رائع! بعد ذلك ذهب الرجل العجوز إلى حجرة أخرى ليأتي بتفاح ومكسرات. لا شك أن الوجود في ذلك المنزل القديم كان ممتعا جدا.
قال الجندي الصفيح الذي كان واقفا على رف: «لا يسعني التحمل؛ هذا المكان موحش وكئيب جدا. لقد اعتدت العيش في عائلة، ولا أستطيع التعود على هذه الحياة. ولا يمكنني تحملها. النهار طويل جدا، والمساء أطول منه. ليست الحياة هنا كما كانت في منزلك في الجانب الآخر، حين كان أبوك وأمك يتحدثان بمرح شديد معا، بينما كنت أنت وكل الأطفال الأعزاء تصخبون صخبا مبهجا. هل تعتقد أنه يحصل على أي قبل؟ هل تعتقد أنه حصل على نظرة حانية أو امتلك شجرة كريسماس قط؟ إنه لن يحصل على أي شيء الآن سوى القبر. آه! لا يسعني التحمل.»
قال الصبي الصغير: «يجب ألا تنظر للجانب الكئيب كثيرا. أنا أعتقد أن كل شيء في هذا المنزل جميل، وأن كل الأفكار القديمة السارة تأتي إلى هنا في زيارات.»
قال الجندي الصفيح: «لكنني لا أرى أيا منها قط، ولا أعرفها، ولا يسعني التحمل.»
قال الصبي الصغير: «لا بد أن تصبر.» هنا عاد الرجل العجوز بوجه مستبشر، حاملا فواكه مجففة جميلة وكذلك تفاح ومكسرات، وتوقف الصبي الصغير عن التفكير في الجندي الصفيح.
كم كان الصبي الصغير سعيدا ومسرورا! وبعد أن عاد إلى منزله، وطيلة أيام وأسابيع، ظل تبادل التحيات مستمرا بين المنزلين، ثم ذهب الصبي الصغير من أجل زيارة أخرى. ونفخ عازفو الأبواق وهم يقولون: «تانتا را را، ها هو الصبي الصغير. تانتا را را.» وصدر صليل عن السيوف والدروع التي في صور الفرسان القدامى، وتصاعد حفيف الفساتين الحرير، وأعاد الجلد شعره المسجوع، وصرت المقاعد القديمة التي تعاني النقرس في ظهورها؛ كان الأمر برمته مثل المرة الأولى تماما، فالأيام والساعات في ذلك المنزل متشابهة تماما.
قال الجندي الصفيح: «لا يمكنني الصبر أكثر من ذلك. لقد ذرفت دموعا من صفيح، فالحياة هنا تملؤها الشجون. دعني أذهب إلى الحرب لأفقد ذراعا أو ساقا؛ سيكون في ذلك تغيير. أدركت الآن ما يعنيه أن يزور المرء ذكرياته القديمة وكل ما تأتي به معها. فقد عاودتني ذكرياتي زائرة، وصدقني أنها ليست سارة على الإطلاق. لقد كدت أقفز من أعلى الرف؛ إذ رأيتكم جميعا في منزلكم في الجهة المقابلة، كما لو كنتم موجودين حقا.
كان ذلك في صباح يوم أحد، كنتم أنتم الأطفال واقفين حول المائدة، ترددون الترنيمة التي تقولونها كل صباح. كنتم واقفين في ثبات متشابكي الأيدي، وكان أبوكم وأمكم بنفس الرصانة، حين انفتح الباب، وأدخلت إلى الحجرة شقيقتك الصغيرة، ماريا، التي لم تتعد العامين. كم تعلم، هي دائما ما ترقص عند سماع موسيقى وغناء من أي نوع، لذا فقد راحت ترقص في الحال، رغم أنه ما كان يصح لها أن تفعل ذلك؛ لكنها لم تستطع أن تضبط حركتها على إيقاع الموسيقى لأنه كان بطيئا جدا، فوقفت على قدم واحدة ثم على الأخرى وأحنت رأسها بشدة، لكن حركاتها لم تلائم الموسيقى. كنتم جميعا واقفين تبدو عليكم الرزانة، مع أن هذا كان صعبا جدا، أما أنا فضحكت بداخلي بشدة حتى إنني وقعت من فوق الطاولة وأصبت بكدمة ما زالت موجودة حتى الآن. أعلم أنه لم يكن من اللائق أن أضحك. وهكذا يظل كل هذا وكل الأشياء الأخرى التي شاهدتها تتوارد على ذهني، ولا بد أن هذه هي الذكريات القديمة التي تأتي مصطحبة معها خواطر كثيرة. أخبرني أنت ما إذا كنتم ما زلتم ترددون الترانيم في أيام الآحاد، واحك لي عن شقيقتك الصغيرة ماريا، وكيف حال زميلي القديم، الجندي الصفيح الآخر. لا شك أنه سعيد جدا حقا. أما أنا فلا أستطيع الصبر على هذه الحياة.»
نامعلوم صفحہ