حکایت اور اس میں کیا ہے
الحكاية وما فيها: السرد (مبادئ وأسرار وتمارين)
اصناف
مثال عملي
لنفترض أنك ظللت لأيام تفتش في ذاكرتك عن مناطق ساخنة في طفولتك، تكتب وتكتب بلا أية قيود ودون أن تدرك الوجهة التي تقصدها، في هذه المرحلة ليس عليك أن تمتلك بوصلة، أنت تستكشف. وبعد أيام أو أسابيع أدركت اللحظة، الموقف، الحالة التي تود أن تجعل منها المادة الخام لنصك؛ هنا عليك أن تتوقف لاستكشاف بوصلتك وتأمل وجهتك؛ ما الأفكار الخفية التي تسري في أوصال هذه الحكاية وتدفعك لكتابتها؟ ما الشعور الذي تود نقله للقارئ؟ مجرد طرحك لأسئلة كهذه هو الخيط الذي سيقودك عبر متاهة السطور والكلمات.
كيف تختار «ثيمتك»؟
قد يبدو هذا السؤال لا معنى له بالنسبة إلى البعض، ممن تختارهم «ثيماتهم» كما يقال، فكأنهم لا يتحركون من مواضعهم إلا وهم يعرفون أين يذهبون، ليسوا من هواة التجوال والاستكشاف العفوي مثل آخرين قد يشعرون بشيء من الحيرة قبل البدء. ليست «الثيمة» شيئا جاهزا يمكن العثور عليه معلبا ومعروضا على أرفف بعض متاجر الكتابة السردية، بحيث يختار الكاتب منها ما يحلو في عينيه، بقدر ما هي شيء دفين بداخله، ينبض بحركة قلقة، مطالبا بالإعراب عن نفسه، ولكن من وراء حجاب الحكاية والشخصيات والحبكة؛ لذا فليس عليك أن تذهب بعيدا في بحثك، بقدر ما عليك أن تنبش في محيط اهتماماتك وهواجسك وخبراتك المباشرة كذلك. غالبا ما ستجد هدفك المراوغ مختبئا بداخلك، غير بعيد عن أسئلتك القديمة والجديدة، قد يكون هو همك بشأن لغز الزمن ، أو نقمتك على الأنظمة والتقاليد الاجتماعية، أو حيرتك إزاء تقلب القلوب وتهشم أساطير المحبة وقد ولدت عفية مكتملة النمو.
اللحن السري في الرواية «الثيمة» في الرواية مثل لحن طويل سري، ينتقل بنا من هنا إلى هناك، عبر نغمات تتكرر وتتنوع وتتشكل مع كل ترديد جديد لها أو استعادة. على السطح، سوف يندفع القارئ مستمتعا راضيا وراء تحولات الأحداث وتطورات الشخصية، وفي الحين نفسه، تتسلل إليه من أعماق المياه تلك النغمات التي لا تكل من النبش وراء مجموعة مركزية من الأسئلة والهموم، دون أن تكشف عن وجهها صراحة وتخاطر بالصعود فوق الموجة، فنجد أنفسنا أمام مباشرة سخيفة وخطابية فجة.
عند تحديد «ثيمة» روايتك، عليك أن تكون واثقا تماما من رغبتك في العمل عليها، مطمئنا لها ومفعما بالفضول نحوها؛ فهي ليست حالة وجدانية عابرة، أو قصة حب سريعة، مثل بعض القصص والقصائد، بل التزام طويل الأجل، ستسهر برفقته الليالي، وتتوالى الفصول عليكما معا، ولا يرغب أحدنا في عقد رباط مقدس على شريك (هو الثيمة) لا يثق برغبته فيه، فاحذر قبل نزولك إلى بحر الرواية؛ حتى لا تبدد شقاء شهور - وربما سنوات - هدرا.
تمرين
تذكر بعض نصوصك السابقة، اسأل نفسك: ألها «ثيمة» واضحة؟ هل قصدت ذلك أم حدث عفوا؟ هل استطاع ذلك اللحن السري الخفيض أن يعرب عن نفسه من بين سطور عملك؟ والآن، ماذا عن المستقبل؟ فكر في رواية لطالما تمنيت كتابتها؟ أعد التفكير في «ثيمتها» أو «ثيماتها» العامة بناء على المفاهيم البسيطة التي تعرفت عليها هنا. أعد كتابة تلك «الثيمة»، الأسئلة، الهواجس، الهموم العامة، في سطر واحد؛ اقرأه جيدا، قبل أن تمحوه أو تمزق الورقة، لتبحر في المجهول.
تذكير واجب
لا يخفى عليك أن أغلب ما نسوقه هنا الآن، أو فيما بعد، حول «الثيمة» وأخواتها من عناصر لعبة السرد؛ هو نتاج للماضي، جماع ما تم الاتفاق عليه إلى حد كبير؛ القواعد والتقاليد التي وضعت لنتعرف عليها ونمتحنها في تجربتنا العملية، أو لنتجاهلها تماما - إن استطعنا - ونضع قواعدنا الخاصة للعبة الكتابة المتجددة أبدا.
نامعلوم صفحہ