حکایت بلا بدایہ ولا نہایہ

نجیب محفوظ d. 1427 AH
67

حکایت بلا بدایہ ولا نہایہ

حكاية بلا بداية ولا نهاية

اصناف

فضحك قائلا: لم ينعم الله علي بالجنون بعد. - لعلك تهذي! - لعلك تتساءل كيف آل أمري إلى ما ترى!

فلم يجب الرجل فقال تاجر الروبابيكيا: كنت تاجر غلال ناجحا.

ثم بنبرة ساخرة: ثم أفلست!

وضحك قائلا: ولكني ما زلت تاجرا على أي حال، وهاك عربتي.

وأشار إلى عربة يد منزوية وراء جزع شجرة فوق الطوار. هز الرجل منكبيه استهانة، أو تظاهرا بالاستهانة وهم للمرة الثالثة بالسير، ولكن التاجر سأله: والحديث المشترك؟

فسأله بحدة: أي حديث مشترك؟ - حديثنا عنها، أي حديث عنها فهو هام بالنسبة إلي، الحق أني ما زلت أحبها. - ما زلت تحبها؟ - بكل جوارحي. - ولم طلقتها؟ - نتيجة حتمية للإفلاس. - ولكن الزوجة المخلصة ...

فقاطعه: لا يمكن أن تكون زوجة لتاجر روبابيكيا. - ألم تكن .. ألم تكن تحبك؟ - أجل فيما أعتقد. - كيف تغير قلبها فجأة؟ - لا لوم عليها في ذلك. - لعل إفلاسك جاء نتيجة لأخطاء لا تغتفر؟ - اعتقدت أنا أن إفلاسي وقع بسببها واعتقدت هي أنه جاء نتيجة لعجزي. - عجزك؟ - وهي تكره العجز كما قالت لك من دقائق! - زدني إيضاحا. - لا أهمية لذلك. - ولكنه مهم في رأيي. - إنك تحبها ومن حقك أن تجرب حظك. - ولكنك أثرت موضوعا وتركته مفتوحا. - لا تقلق فهي امرأة ممتازة بكل معنى الكلمة. - لا تحاول خداعي. - لا سمح الله. - إنك تعني اتهامها. - أؤكد لك أنها على خلق عظيم. - لعلها لم تكن تحبك؟ - ها أنت تتهمها بأنها تزوجت من رجل من غير أن تحبه. - أعني أنها لم تحبك الحب الكافي. - جعلتني أؤمن بخلاف ذلك. - المرأة المحبة الفاضلة لا تتخلى عن زوجها. - أنا الذي تخليت عنها! - بسبب إفلاسك؟ - أليس ذلك كافيا؟ - ألم تختبر استعدادها للوفاء؟ - كلا، لدى تسليمي بعجزي عن إسعادها هربت بالطلاق. - بذلك يصبح الأمر واضحا. - لا شيء واضح في هذه الدنيا المعقدة. - ولكن ما قلته واضح جدا. - جرب حظك، جرب أن تبلغ الوضوح بنفسك. - يخيل إلي أنك تداور وتحاور لتلقي بذور الشك في نفسي. - أنت تقول ذلك.

فهتف بغضب: إذا كان لديك ما يستحق القول فقله وإلا فاذهب بغير سلام. - المتاجرة بالأشياء القديمة علمتني السماح. - الحديث المشترك؟ - لا شيء بعد. - أتهزأ مني يا صعلوك؟ - أبدا، ولكني أحب الحب كما أحب المحبين. - كنت تتجسس علينا؟ - أبدا، ولكني أنام على شاطئ النيل في الربيع. - كذاب. - الربيع الذي يجدد حياة الشجر ويعجز عن تجديد حياة البشر! - لا ألوم إلا نفسي على الاستماع إليك. - لن تندم على ذلك أبدا. - عد إلى القبر الذي خرجت منه. - سمعا وطاعة، أما مجلسي المختار فهو قهوة سوق الكانتو، وشهرتي هناك «الملعون». - عليك اللعنة! - إلى اللقاء.

3

أمام المرآة وقفت ترنو بإعجاب إلى العقد المطوق لجيدها. ترنو بصفة خاصة إلى اللؤلؤة المدلاة من واسطته. ونظرت من خلال المرآة أيضا إلى صورة الرجل المتربع فوق الديوان وراءها يتسلى بمشاهدة النيل من النافذة. وقالت وهي تتجه نحو الديوان: في أصابعك معجزة.

نامعلوم صفحہ