تنهدت زينب بصوت مسموع وقالت: حدثنا برأيك.
فنظر الرجل إلى ابنه وسأله: أود أن أسمع رأيك أولا.
انتفض الشاب كمن يستيقظ من نوم وقال: رأيي؟! .. أمهلني حتى أستعيد توازني. - لا وقت لذلك، دعني أساعدك، ماذا أردت أنت وزملاؤك؟
تفكر مليا ثم قال: أردنا الاحتكام إلى الحقائق وإزهاق الأباطيل والخرافات، مؤملين من وراء ذلك أن ترد أموال الناس إليهم وأن تنفق في سبيلهم، وأن ترفع عن كواهلهم الوصاية والسيطرة. - هذا حسن ولكنه ليس بكل شيء، الحقيقة لا تتجزأ، وإن يكن ثمة خير في أن يعرف الناس الأكرم على حقيقته فمن الخير أيضا أن يعرفونا على حقيقتنا، لا نستطيع أن نبدأ من جديد ونحن نتستر على آثامنا الماضية، على الاعتراف أن يكون كاملا وصريحا ليكون التكفير كاملا وصريحا، ولنبدأ حياة نقية بالمعنى الحقيقي.
تساءلت زينب بإشفاق: ماذا تقصد؟
فأجاب بإصرار: يخيل إلي أنني لن أتورع عن شيء! - وأي عواقب تتوقع؟ - لا أدري، قد يعيدنا ذلك إلى مجد الأكرم وقد يردنا إلى تشرده! - زدني تفصيلا! - إذا اعترفت بكل شيء، إذا بلغت الغاية في الأمانة، فلن يتردد عن محاربتي أخلص الناس لي اليوم وهم المنتفعون بأموالنا، أما المريدون فسيقعون حيارى بين إيمانهم القديم والحقائق الجديدة، ولا يبعد أن ينقسموا بين مرتد عني ومؤيد لي حتى النهاية. - يا لها من صورة غامضة! - رجم بالغيب أن أحدس المصير. - هي احتمالات وخواطر، ولكن ما الذي تضمره في قلبك؟
التفت نحو الشاب وهو يقول: أود الآن أن أسمع رأيك؟
لم ينبس الشاب مستغرقا في تفكيره. - إنك تبدو شاحب اللون يا بني؟ - ليس هذا مما يهم. - لا بد من الإدلاء برأيك. - أظنني أفصحت عنه فيما يخصني. - ثمة ما يخصك ولا يقل أهمية عن ذلك إذ إنه يتعلق بكرامتك وسمعتك؟
فتمتم بهدوء: يخيل إلي.
وانطبقت شفتاه فتساءل الشيخ: يخيل إلي؟
نامعلوم صفحہ