قَطُّ لِلَّهِ فِيهِمْ حَاجَةٌ، وَقَدْ أَوْقَعَ قَبْلَ ذَلِكَ بِابْنِ الْأَشْرَفِ فِي عِزَّةِ بُنْيَانِهِ فِي بَيْتِهِ آمِنًا، وَأَوْقَعَ بِابْنِ شَيْبَةَ سَيِّدِهِمْ، وَأَوْقَعَ بِبَنِي قَيْنُقَاعَ فَأَجْلَاهُمْ وَهُمْ حُبْرُ يَهُودَ وَكَانُوا أَهْلَ عُدَّةٍ وَسِلَاحٍ وَنَجْدَةٍ - فَحَصَرَهُمْ فَلَمْ يُخْرِجْ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ رَأْسَهُ حَتَّى سَبَاهُمْ، فَكُلِّمَ فِيهِمْ فَتَرَكَهُمْ عَلَى أَنْ أَجْلَاهُمْ مِنْ يَثْرِبَ. يَا قَوْمِ، قَدْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُمْ فَأَطِيعُونِي وَتَعَالَوْا نَتَّبِعْ مُحَمَّدًا، فَوَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَقَدْ بَشَّرَنَا بِهِ وَبِأَمْرِهِ ابْنُ الْهَيْبَانِ أَبُو عُمَيْرٍ، وَابْنُ حَوَّاسٍ، وَهُمَا أَعْلَمُ يَهُودَ جَاءَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَتَوَكَّفَانِ قُدُومَهُ، وَأَمَرَانَا بِاتِّبَاعِهِ وَأَمَرَانَا أَنْ نُقْرِئَهُ مِنْهُمَا السَّلَامَ، ثُمَّ مَاتَا عَلَى دِينِهِمَا، وَدَفَنَّاهُمَا بِحَرَّتِنَا، فَأُسْكِتَ الْقَوْمُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْهُمْ مُتَكَلِّمٌ، فَأَعَادَ هَذَا الْكَلَامَ وَنَحْوَهُ، وَخَوَّفَهُمْ بِالْحَرْبِ وَالسِّبَاءِ وَالْجَلَاءِ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَاطَا: قَدْ – وَالتَّوْرَاةِ - قَرَأْتُ صِفَتَهُ فِي كِتَابِ التَّوْرَاةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى، لَيْسَ فِي الْمَثَانِي الَّتِي أَحْدَثْنَا، فَقَالَ لَهُ كَعْبُ بْنُ أُسَيْدٍ: مَا يَمْنَعُكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنِ اتِّبَاعِهِ؟ قَالَ: أَنْتَ، قَالَ: وَلِمَ؟ فَوَالتَّوْرَاةِ مَا حُلْتُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَطُّ؟ قَالَ الزُّبَيْرُ: أَنْتَ صَاحِبُ عَهْدِنَا وَعَقْدِنَا، فَإِنِ اتَّبَعْتَهُ اتَّبَعْنَاهُ، وَإِنْ أَبَيْتَ أَبَيْنَاهُ، فَأَقْبَلَ عَمْرُو بْنُ سَعْدٍ عَلَيَّ فَذَكَرَ مَا تَقَاوَلَا بِهِ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَالَ كَعْبٌ: مَا عِنْدِي فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا قُلْتُ، مَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ أَصِيرَ تَابِعًا.
وَهَذَا الْمَانِعُ هُوَ الَّذِي مَنَعَ فِرْعَوْنَ مِنِ اتِّبَاعِ مُوسَى ﵊، فَإِنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى عَزَمَ اتِّبَاعَ مُوسَى، فَقَالَ لَهُ وَزِيرُهُ هَامَانُ: بَيْنَا أَنْتَ إِلَهٌ تُعْبَدُ تُصْبِحُ تَعْبُدُ رَبًّا، تَعْبُدُ غَيْرَكَ، قَالَ: صَدَقْتَ.
1 / 250