104

ہدایت الحیری

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

تحقیق کنندہ

محمد أحمد الحاج

ناشر

دار القلم- دار الشامية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

پبلشر کا مقام

جدة - السعودية

وَظُهُورِهَا وَظُهُورِ ضَوْئِهَا فِي الْآفَاقِ، وَوَقَعَ الْأَمْرُ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ سَوَاءً، فَإِنَّ اللَّهَ صَدَعَ بِنُبُوَّةِ مُوسَى لَيْلَ الْكُفْرِ فَأَضَاءَ فَجْرَهُ بِنُبُوَّتِهِ، وَزَادَ الضِّيَاءُ وَالْإِشْرَاقُ بِنُبُوَّةِ الْمَسِيحِ، وَكَمُلَ الضِّيَاءُ وَاسْتَعْلَنَ وَطَبَقَ الْأَرْضَ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ.
وَذِكْرُ هَذِهِ النُّبُوَّاتِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا هَذِهِ الْبِشَارَةُ نَظِيرُ ذِكْرِهَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ التِّينِ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ
فَذَكَرَ أَمْكِنَةَ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَرْضَهُمُ الَّتِي خَرَجُوا مِنْهَا، وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ: الْمُرَادُ بِهِ مَنْبَتُهُمَا وَأَرْضُهُمَا، وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ الَّتِي هِيَ مَظْهَرُ الْمَسِيحِ، وَطُورِ سِينِينَ الْجَبَلُ الَّذِي كَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مُوسَى فَهُوَ مَظْهَرُ نُبُوَّتُهُ، وَوَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ: مَكَّةُ، حَرَمُ اللَّهِ وَأَمْنُهُ الَّتِي هِيَ مَظْهَرُ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ.
فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ نَظِيرُ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ سَوَاءٌ.
قَالَتِ الْيَهُودُ: فَارَانُ هِيَ أَرْضُ الشَّامِ وَلَيْسَتْ أَرْضَ الْحِجَازِ، وَلَيْسَ هَذَا بِبِدْعٍ مَنْ بَهْتِهِمْ وَتَحْرِيفِهِمْ، وَعِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ: أَنَّ إِسْمَاعِيلَ لَمَّا فَارَقَ أَبَاهُ سَكَنَ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ، هَكَذَا نَطَقَتِ التَّوْرَاةُ وَلَفْظُهَا (وَأَقَامَ إِسْمَاعِيلُ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ وَأَنْكَحَتْهُ أُمُّهُ امْرَأَةً مِنْ أَرْضِ مِصْرَ) .
وَلَا يَشْكُ عُلَمَاءُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّ فَارَانَ مَسْكَنٌ لِآلِ إِسْمَاعِيلَ، فَقَدْ تَضَمَّنَتِ التَّوْرَاةُ نُبُوَّةً تَنْزِلُ بِأَرْضِ فَارَانَ، وَتَضَمَّنَتْ نُبُوَّةً تَنْزِلُ عَلَى عَظِيمٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَتَضَمَّنَتِ انْتِشَارَ أُمَّتِهِ وَأَتْبَاعِهِ حَتَّى يَمْلَئُوا السَّهْلَ وَالْجَبَلَ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ هَذَا شُبْهَةٌ أَصْلًا أَنَّ هَذِهِ هِيَ نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ ﷺ الَّتِي نَزَلَتْ بِفَارَانَ عَلَى أَشْرَفِ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ حَتَّى مَلَأَ الْأَرْضَ ضِيَاءً وَنُورًا، وَمَلَأَ أَتْبَاعُهُ السَّهْلَ وَالْجَبَلَ،

1 / 320