وَكَانَ كِتَابُ "المَصَابِيحِ" الَّذِي صَنَّفَهُ الإِمَامُ مُحِيِي السُّنَّةِ، قَامِعُ البِدْعَةِ، أبو مُحَمَّدٍ الحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ الفَرَّاءُ البَغَوِيُّ رَفَعَ الله دَرَجَتَهُ أَجْمَعَ كِتَابٍ صُنِّفَ في بَابهِ، وَأَضْبَطَ لِشَوَارِدِ الأَحَادِيثِ وَأَوَابِدِهَا.
وَلَمَّا سَلَك ﵁ طَرِيقَ الاختِصَارِ، وَحذَفَ الأَسَانِيدَ؛ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ النُّقَّادِ، وَإنْ كَانَ نَقْلَهُ وَأنَّهُ مِنَ الثِّقَاتِ كَالإِسْنَادِ، لَكِنْ لَيْسَ مَا فِيهِ أَعْلَامٌ كَالأَغْفَالِ؛ فَاسْتَخَرْتُ الله تَعَالَى، وَاسْتَوْفَقْتُ مِنْهُ، فَأَعْلَمْتُ مَا أَغْفَلَهُ؛ فَأَوْدَعْتُ كُلَّ حَدِيثٍ مِنْهُ في مَقَرِّهِ كَمَا رَوَاهُ الأَئِمَّةُ المُتْقِنُون، وَالثِّقَاتُ الرَّاسِخُون، مِثْلُ أَبِي عَبْدِ الله مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْن مُسْلِمِ بْنِ الحَجَّاجِ القُشَيْرِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الله مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الأَصْبَحِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الله مُحَمَّدِ بْنِ إدْرِيس الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الله أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيِّ، وَأَبِي عِيسَى مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى التِّرْمِذِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ السّجِسْتَانِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ النَّسَائِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الله مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ ابْنِ مَاجَه القَزْوِينيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ الدَّارَمِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ الحُسَيْنِ البَيْهَقِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ رَزِينِ بْنِ مُعَاوِيةَ العَبْدَرِيِّ (^١)، وَغَيْرِهِمْ، وَقَلِيلٌ مَا هوَ-.
وَإنِّي إِذَا نَسَبْتُ الحَدِيثَ إلَيْهِمْ كَأَنِي أَسْنَدْتُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ؛ لأنَّهُمْ قَدْ فَرَغُوا مِنهُ، وَأَغَنُوْنَا عَنَهُ (^٢).
وَسَرَدْتُ الكُتُبَ وَالأَبْوَابَ كَمَا سَرَدَهَا، وَاقْتَفَيْتُ أَثَرَهُ فِيهَا، وَقَسَّمْتُ كُلَّ بَابٍ -غَالِبًا- عَلَى فُصُولٍ ثَلَاثَةٍ: