باستحقاق العبد بمعنى أن له مطالبة الثواب ، ويجب على المولى إعطاؤه ، كما في المعاوضات كيف لا ولا يقدر العبد ولو أطاع الدهر على شكر نعمة من نعمه تعالى ، وإنما معنى استحقاق الثواب أنه إذا أثيب العبد المطيع عند العقلاء هذه الإثابة ، وقعت في محلها وينبغي له ، بخلاف إثابة العاصي ، فإنها ليست إلا تفضلا صرفا.
وبعد ذلك نقول : لا كلام في ترتب الثواب على الواجبات النفسية ، وإنما الكلام في الواجبات الغيرية ، والأقوال المعروفة ثلاثة : ترتب الثواب مطلقا ، وعدمه كذلك ، والتفصيل المنسوب إلى المحقق القمي (1) بين كون الواجب الغيري أصليا ، أي مدلولا لخطاب مستقل ، كما في ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ) (2) إلى آخره ، وبين أن يكون تبعيا ، أي غير مدلول لخطاب مستقل ، كما في تحصيل الماء للطهارة مثلا.
والتحقيق : أن الواجب الغيري إن أتى [به] بداعي امتثال الأمر النفسي يثاب عليه مطلقا وإلا فلا. وذلك لأن العبد الآتي بمقدمات المأمور به مضافا إلى مولاه وانقيادا له وطالبا رضاه واحترازا عن مخالفته لا يكون مساويا (1) عند العقل
توضيحه : أن المدعى والمتنازع فيه بين صاحب الكفاية والنائيني رحمهما الله من ناحية وسيدنا الأستاذ من أخرى هو استحقاق العبد الثواب بامتثال الأمر الغيري ، وأما وجود الثواب في المورد المفروض فهو مما لا إشكال فيه إلا أنه كما يمكن أن يكون على الامتثال كذلك يمكن أن يكون على الانقياد ، بل نقول : هو على الانقياد ، ويشهد له أن المكلف لو اشتغل بالواجب النفسي ثم مات أثناء العمل فإنه بالموت يكشف عدم الأمر النفسي مع أنه مثاب ، وهذا الثواب لا يمكن إلا على الانقياد ، لأن الامتثال معدوم بعدم الأمر
صفحہ 84