394

أن الأفعال يتوسط بينها وبين ما يترتب عليها من المصالح أمور غير اختيارية ، فلا يمكن أن تكون تلك المصالح متعلقة للتكليف (1)، فلا إشكال في تعريف المشهور أصلا.

أقول : قد مر في بحث الصحيح والأعم مفصلا بيان هذا الكلام والجواب عنه ، وذكرنا أن للمولى غرضين (1): غرضا أقصى ، وهو الذي يتوسط بينه وبين الأفعال أمور غير اختيارية ، وغرضا آخر يترتب على نفس المأمور به ، كترتب المعلول على علته التامة ، ومثلنا له مثالا عرفيا ، وهو : أن المولى إذا أراد أن يطبخ الطبيخ ، يأمر أحد عبيده باشتراء الحطب ، والآخر باشتراء التمن ، والثالث باشتراء الدهن ، وهكذا ، فله غرض أقصى وهو تحصيل الطبيخ ، ومن المعلوم أنه لا يترتب على مجرد فعل العبد الأول ، وهو اشتراء الحطب وأغراض أخر مترتب واحد منها على اشتراء الحطب ، وهو التمكن من الطبيخ ، والآخر على اشتراء التمن ، والثالث على اشتراء الدهن ، ولا ريب في أن ترتب التمكن من الطبخ على اشتراء الحطب ترتب المعلول على علته التامة ، ولا يعقل أن يأمر المولى بفعل لا يترتب عليه فائدة ، إذ هو لغو محض ، فما يترتب على الفعل هو المتعلق للتكليف ، وهو مقدور بالواسطة ، دون الغرض الأقصى ، وهو المعرفة ، فلا يندفع الإشكال.

وثانيا : لو سلم وجود الغرضين : الأدنى والأقصى ، نقول : إن ترتب الأقصى على الواجبات مع الواسطة خلاف ظواهر الأدلة ، فإن ظاهرها ترتب الأقصى مثل النهي عن الفحشاء على فعل الصلاة الصحيحة بلا توسط أمر آخر. (م).

صفحہ 75