عندما طلبنا أن يسمحوا لنا بأن نصلي، قال لي الحارس ساخرا، وهو يركلني في ظهري بالحذاء العسكري، عندما أجلسونا في الشمس الحارقة: «إن الله لا يدخل مثل هذه الأماكن؛ فلا داعي لصلاتكم.»
وفي صبيحة اليوم الرابع من الاعتقال، تم إطلاق سراحنا - أنا والشاب الآخر - لكنهم ظلوا يتحفظون على «عمار» و«محمود». مع تهديدنا بأنهم سيقومون باعتقالنا مجددا، إذا وجدونا بالقرب من مظاهرة مرة أخرى.
3
قال «سعادتك»: «لقد رأيت من هم مثلك كثيرا، لا أحد يصمد هنا. كلهم ينهارون، كلهم يبكون ويتوسلونني؛ لأمنحهم راحة الموت في النهاية بعدما أفرغ منهم.»
قال «سعادتك»: «لن يسمع أحد صراخك ولا توسلاتك، سأجعلك تشتهي الموت ولا تناله.»
قال «سعادتك »: «من الخير أن توفر علينا، وعلى نفسك العناء، وتخبرني بما أريد معرفته.»
يداه معقودتان خلف ظهره، وأصابعه تلتهمان حبيبات المسبحة في سرعة.
يقف في منتصف الزنزانة في فخر، كأنه قائد حربي يتفقد جيشه قبل المعركة الأخيرة، شفتاه تتمتمان ببعض الأذكار.
يمكنني أن أرى «عمار» وقد أجلسوه على كرسي حديدي صدئ، يداه مقيدتان خلف ظهر الكرسي، ورجلاه مقيدتان مع بعضهما بحبل ليفي خشن، وحوله حارسان ضخما الجثة ينظران له في برود.
بصعوبة، يا سيدتي، يمكنك أن تتبيني ملامحه الآن، فقد تشوهت تماما، انتفخت كل أجزاء وجهه، وكأن سربا من النحل كان يتسلى بلسعه في كل مكان، وزادته الدماء التي تسيل من كل فتحات وجهه الطبيعية، وغير الطبيعية.
نامعلوم صفحہ