قال الفقهاء الحنفية رحمهم رب البرية : إذا لم يف ثلث الميت لما عليه من الكفارات الشرعية والفدية عن الواجبات المتروكة ، أو كان ثلثه يكفي للبعض لا للكل فانه توضع دراهم من ثلث مال المتوفي أو من مال ولي الميت ، أي وارثه أو وصيه ويستدينها أحدهما وتجعل في صرة ، وان لم تكن دراهم فيجعل بدلها جواهر أو حليا أو نحو ذلك ، ويجمع الفقراء قبل الدفن ، وهو أحسن ، وليكونوا عشرة أو أكثر فانه أحوط ، ولا يكن فيهم صغير ولا غني ولا عبد ولا كافر ولا مجنون ، ويقبض الوارث أو الوصي وقيل أو وكيلهما الموكل عنهما صراحة الصرة بيده ويجلس الفقراء أو يوقفهم ويعطي الصرة للفقير على أنها فدية عن صلاة الميت المتروكة ، ويقدرها تخمينا بمقتضى عمره ، وجميع صلواته احتياطا ويقول له : خذ هذه الصرة عن فدية صلاة سنة أو عشرين سنة أو سبعين سنة مثلا عن فلان بن فلان الفلاني ، أو يقول : ملكتك هذه الدراهم عن فدية صلاة ثمانين سنة مثلا عن فلان بن فلان الفلاني {7/أ } ويقبلها الفقير منه ويقبضها بيده ويعلن أنها صارت ملكه يتصرف فيها كيف شاء ثم يقول الفقير له : وأنا قبلتها وتملكتها منك عن فدية الصلاة المذكورة لفلان بن فلان الفلاني ، ثم بعد القبض والقبول يهبها برضاه للولي أو الوكيل ، ويسلمها له وهو يقبلها منه ثم يعطيها الولي أو الوكيل إلى فقير آخر ويقول له كما قال للأول ويعملان كالعمل السابق الأول ، وهكذا يعمل الوصي او الوارث أو وكيله مع كل فقير منهم ويديرها عليهم مرارا حتى يستوعب قدر ما على الميت من الصلوات التي يظن فواتها في مدة عمره 0ثم يفعل كذلك عن الصوم والضحية والنذور وسجدة التلاوة وهي كصلاة ، والنوافل التي أفسدها ولم يقضها ، وعن الزكاة ، ولو بلا وصية على المعتمد ، ومثلها الحج ، وعن الفطرة التي على نفسه ، وعلى من يجب عليه فطرته ، والعشر والخراج ، وعن الجناية عن الحرم ، أو الإحرام في الحج ، وكفارة قتل خطأ ، وظهار ، يعني عن كفارة الظهار ، والنفقة الواجبة ، والكفارات المالية ككفارة اليمين ، والايلاء والاعتكاف المنذور عن صومه ، لا عن اللبث في المسجد لكل يوم ، كالفطرة ، وعن النفقات الواجبة الغير المؤدات في حالة الحياة ، وعن حقوق العباد المجهولة أربابها ، وعن الكفارات 0 ثم من بعد ذلك لا بد أن يخرج عن سائر الحقوق المالية ، ثم يخرج عن سائر الحقوق البدنية ثم بعد تمام دوران هذه الصرة التي فيها الدراهم ، أو فيها حلي أو نحوه من ذوات القيم بالوجه المذكور ، وقول مدير الصرة للفقراء وتفهيمه لهم بالوجه المسطور يقبضها من الفقير الأخير بالهبة فتخرج من مال الفقير ، وتكون ملكا للموهوب له اعني المدير ، ثم يتصدق عليهم بجميع المال أو بعضه أو بما أوصى به الميت ، وإذا لم يكن للميت مال فليعمل ذلك الولي من ماله إن شاء ، أو يستقرض لنفسه ، أو يستوهب من الغير ليدفعه للفقراء بالوصية {7/ب} المتقدمة ، ثم بعد أن يهبه الفقير الأخير للولي أو وكيله يرجعه القابض إلى المقرض أو الواهب ، ويرجى من الله سبحانه وتعالى القبول0 وكلما كان الفقراء أكثر من عشرة ، أو دورها عليهم متكررا كثيرا ، فهو أولى وأقرب لحصول المأمول ، وعندما يقول الوصي أو الولي أو وكيلهما للفقير : خذ هذه الدراهم كفارة صلوات فلان ، ينبغي أن لا يسرع الفقير قبل تمام الإيجاب بالقبول بل ينتظر إلى أن يكمل الوصي كلامه الذي عرفت سابقا ، ثم يقبل ، ثم يهبها للوصي ولا يقول الوصي قبلتها منك إلا بعد تمام كلام الفقير 0
ومما ينبغي الاحتراز عند الاستفهام من الدافع للفقير فلا يقول الوصي له قبلت هذه كفارة صلاة عن فلان ، لأنه حينئذ يكون على تقدير الاستفهام بالهمزة أو هل ، لان هذا الكلام من باب التصديق الايجابي ، وفي وقوع الصيغ الاستفهامية موقعا لإيجاب كلام لأهل المذهب ، بل إما أن يقول الوصي له خذ هذه كفارة صلاة عن فلان بن فلان ، وإما أن يقول : هذه كفارة صلاة فلان بن فلان ، والناس عن هذا غافلون 0
فإنهم يديرون ولا ينتظرون ، ولا يفصلون ولا يقبلون ، بل الفقراء على اخذ شيء منها مستعجلون ، والمديرون جاهلون فانا لله وإنا لله وإنا إليه راجعون 0
هذا ويجب الاحتراز من أن يدير الصرة أجنبي ، قيل إلا بالوكالة عن الولي أو الوصي ، والولي أولى ، ويجب أيضا أن لا يلاحظ الدافع عند دفع الصرة إلى الفقير الهزل ، أو الحيلة ، بل يجب أن يدفعها عازما على تمليكها منه حقيقة لا تحيلا ، ملاحظا أن الفقير إذا أبى عن هبتها له كان له ذلك ، ولا يجبره على الهبة 0
خاتمة : رزقنا الله تعالى حسنها ، في مسائل منثورة تتعلق بالايصاء ، والميت
صفحہ 35