وقد قدمت المسرحية على المسرح لأول مرة في 29 يونيو عام 1613م، وهذا تاريخ مهم لأنه تاريخ الحريق الذي شب في مسرح الجلوب
Globe ، وكان سبب الحريق فيما ذكره المؤرخون هو إطلاق عيار ناري من مدفع صغير يشبه مدفع الهاون؛ إما في حفل الكاردينال وولزي في آخر الفصل الأول أو في حفل التعميد في المشهد الأخير. ولما كانت المسرحية توصف آنذاك بأنها جديدة، فقد اتفق جمهور النقاد والباحثين على أنها كتبت إما في أواخر عام 1612م، أو أوائل عام 1613م، ولغة المسرحية كما سبق أن ذكرنا تتفق مع لغة مسرحيات شيكسبير الأخيرة، أو ما يسمى بالرومانسيات الأخيرة. ومصادرها معروفة؛ فهي كما سبق أن ذكرنا تاريخ إنجلترا الذي ألفه هولنشد، وكتاب تاريخ آخر من تأليف فوكس
Foxe ، وشيكسبير يتبع ما أورده هذان بصورة بالغة الدقة، ويكاد يكرر العبارات التي أورداها حرفيا في الحوار. ولن نقف طويلا عند تاريخ التأليف أو المصادر، بل سنورد لمحة عن مواقف النقاد من النص، وهي مواقف تتسم بالتعارض والتناقض أحيانا.
وأول ملاحظة مهمة هي أن المسرحية عانت من التجاهل النقدي بسبب قضية مشاركة فلتشر؛ أي بسبب تحول الاهتمام من النص إلى التساؤل عن مؤلف النص، ولم يبدأ الاهتمام الحقيقي بها باعتبارها نصا دراميا إلا في النصف الثاني من القرن العشرين، عندما تبلورت المذاهب النقدية في النقد الإنجليزي نفسه بفضل ما أتى به النقد الجديد أولا من ضرورة التركيز على النص، وبسبب دراسة الأستاذ فوكس
Foakes
في مقدمته لطبعة آردن والتي تقع في نحو 25 صفحة (13 ألف كلمة) وتقترب كثيرا من المنهج البنيوي بسبب تركيزها على البناء الذي يتميز بالتناقضات أي «المقابلات» أو التعارضات الثنائية، وإن كانت لا تغفل الجوانب الأخرى للنص. وفي التسعينيات خرجت علينا بعض الدوريات المتخصصة في شيكسبير بمقالات مناهضة للمنهج البنيوي ولكنها تقر بفضل فوكس
Foakes ، وأهمها في رأيي دراسة رنة المفارقة والثورية الساخرة في المسرحية باعتبارهما من سمات الحداثة في نص لا بد من اعتباره شرفا مسرحيا في المقام الأول، وهي الدراسة التي كتبها جون مارجسون
John Margeson
في صدر طبعة عام 1990م من المسرحية في سلسلة نيو كيمبريدج شيكسبير. ويمكن القول بصفة عامة إن الاتجاه النقدي الحديث أصبح يرى جوانب إيجابية في المسرحية لم يسبق للنقاد رصدها.
كان من أوائل من كتبوا عن المسرحية باعتبارها نصا دراميا ناشر الأعمال الكاملة لشيكسبير نيكولاس رو
نامعلوم صفحہ