باب آخر في الكلب وشأنه
٢٩٣-[تفسير شعر قيل في الكلاب]
قال طفيل الغنويّ: [من الطويل]
أناس إذا ما أنكر الكلب أهله ... حموا جارهم من كلّ شنعاء مظلع «١»
يقول: إذا تكفّروا في السّلاح لم تعرفهم كلابهم.
ولم يدّع جميع أصحاب المعارف إلّا أنّ الكلب أشدّ ثباتا، وأصدق حسّا. وفي ذلك يقول الآخر: [من الطويل]
فلا ترفعي صوتا وكوني قصيّة ... إذا ثوّب الدّاعي وأنكرني كلبي «٢»
يقول: إيّاك والصّراخ إذا عاينت الجيش.
وقوله: «أنكرني كلبي»، يخبر أنّ سلاحه تامّ من الدّرع والمغفر والبيضة «٣» .
فإذا تكفّر «٤» بسلاحه أنكره كلبه فنبحه.
وأما قوله: [من المتقارب]
إذا خرس الفحل وسط الحجور ... وصاح الكلاب وعقّ الولد «٥»
فأمّا قوله: إذا خرس الفحل، فإنّ الفحل [الحصان] «٦» إذا عاين الجيش وبوارق السيوف، لم يلتفت لفت الحجور.
وأمّا قوله «٧»: وصاح الكلاب. فإنّ الكلاب في تلك الحالة تنبح أربابها كما تنبح سرعان الخيل إليهم؛ لأنّها لا تعرفهم من عدوّهم.