ضحكت بصعوبة دون أي سعادة، فقد بدأ الإحساس بالمسئولية يعود إلي.
دفع هذا كلا من بيرت وكلايف لأن يلقيا النكات، وكل نكتة كانت تبدأ جادة وتستمر هكذا لفترة حتى لتبدو أنها حكاية تعليمية ذات مغزى؛ ومن ثم كان ينبغي أن نظل طوال الوقت مترقبتين كي لا تبدو علينا الحماقة ونصمت عندما يأتي وقت الضحك. كنت أخشى أنني إذا لم أضحك في الحال فسوف يكون انطباعهم عني أنني ساذجة حتى إنني لم أستوعب النكتة أو أن النكتة قد أهانتني. في كثير من تلك النكات - كما في النكتة الأولى - كان ضروريا أن أزود أنا أو ناعومي المحادثة بكلام جاد، والطريقة التي كنا نفعل بها هذا - كي لا نظهر بصورة الحمقى كما بدوت أنا في تلك المرة - هو أن نجيب بشكل متردد ساخط لكن في نفس الوقت متساهل بعض الشيء؛ كي نتابع النكتة بترقب ونبتسم ابتسامة خفيفة كما لو أننا نعرف ما سيأتي. وبين النكات قال بيرت لناعومي: «تعالي إلى الفراش معي.»
فقالت : «كلا شكرا، إنني مرتاحة حيث أنا.» ورفضت أن تشرب المزيد وأخذت تنفض دخان السيجارة في منفضة السجائر الخاصة بالفندق. «لماذا تكرهين الأسرة؟ فيها تحصلين على المزيد.» «احصل أنت على ما تشاء.»
أما كلايف فلم يبق ثابتا في مكانه قط، فقد أخذ يتحرك في أرجاء الغرفة؛ يمثل وكأنه يلاكم أناسا وهميين، ويمثل نكاته عمليا، يندفع نحو بيرت على السرير حتى قفز بيرت في النهاية هو الآخر وأخذا يتظاهران أنهما يتعاركان؛ يسددان لكمات قريبة ويقفزان وهما يضحكان. فاضطررت أنا وناعومي لأن نبعد أقدامنا عنهما.
قالت ناعومي: «إنهما مغفلان.»
أنهى كلايف وبيرت عرضهما بأن وضع كل منهما يده على كتف الآخر وواجهانا بشكل رسمي كما لو كانا فوق خشبة مسرح.
قال بيرت: «أرى من ثيابك أنك راعي بقر ...» فرد عليه كلايف مغنيا: «أرى من ثيابك أنك أيضا راعي بقر ...» «من ثيابنا، يمكنكما أن تعرفا أننا راعيا بقر ...»
قال بيرت بلهجة مخيفة: «أنت يا راستوس.» «نعم؟» «هل أنت في الرابعة أم في الخامسة من عمرك؟» «لا أعرف، لا أعرف هل أنا في الرابعة أم في الخامسة من عمري.» «راستوس؟ هل أنت خبير بالنساء؟» «كلا.» «إنك في الرابعة من عمرك إذن!»
ضحكنا لكن قالت ناعومي: «هذا الحوار من العروض الغنائية بمهرجان كنزمن في تابرتون، لقد سمعت هذا من قبل.»
قلت وأنا أنهض: «لا بد أن أذهب إلى الحمام.» لا بد أنني كنت لا أزال ثملة؛ ففي الظروف الطبيعية لم أكن لأقول هذا أمام رجال أبدا.
نامعلوم صفحہ