3
أحسب أن لهذا المقال أهمية كبيرة لمن يريد أن يدرس الرافعي دراسة أوسع، قائمة على قواعد من العلم والتحليل النفسي، وإنما يستأهل هذا الاهتمام من ثلاث نواح:
أولا:
إنه أول ما أنشأ الرافعي في النقد، فهو كالمقدمة لهذه المعارك الطاحنة التي نشبت بين الرافعي ولفيف من أدباء عصره بعد ذلك بعشرين سنة، فلا بد لمن يريد أن يتحدث عن الرافعي في النقد أن يبدأ من هنا.
ثانيا:
إنه ثبت جامع لأسماء الشعراء الذين نشئوا مع الرافعي في جيل واحد، وقرأ لهم ونظر في شعرهم نظر الناقد أو نظر المعجب المحتذي، فلا بد لمن يريد أن يتحدث عن الرافعي في الشعر، وعن الشعراء الذين تأثر بهم أو تأثروا به أن يعرف هؤلاء الشعراء.
ثالثا:
إن في هذا المقال لونا من ألوان الدعاية التي كان يقوم بها الرافعي لنفسه؛ ليبلغ الهدف الذي كان يرمي إليه بين أدباء العصر، فلا بد لمن يريد أن يدرس وسائل الرافعي إلى الشهرة وذيوع الصيت أن يقرأ هذا المقال.
وبعد؛ فإن فيه شيئا من أخلاق الرافعي المزهو بنفسه، المعتد بعمله، القوي بإيمانه، المتقحم على مواطن الهلاك؛ الرافعي القزم الضعيف الذي وقف على السفح تعتمد خاصرته على راحته وهو ينظر إلى فوق ليقول للشعراء العمالقة على القمة: انزلوا إلي أو أصعد إليكم، فأرميكم إلى بطن الوادي أشلاء ممزقة ليس فيها عضو إلى عضو، ولا يسمع لكم صريخ ...!
لقد كان الرافعي طويل اللسان من أول يوم ...!
نامعلوم صفحہ