52

لولا حواء، وبنات حواء، جزاهن الله بما هن أهل له من جزاء ...

من سكن الريف عرف خير ما في بنات حواء من مروءة وصفات، ولم يخف عليه شر ما فيهن من كيد والتواء ...

هن الأمهات المتطوعات للشاب الناشئ المنفرد بمعيشته في عقر داره ...

من ترى يهيئ له طعامه؟ من ترى يهتم بتنظيف ثيابه وترتيب أثاثه؟ ولم لا يتزوج؟ ومن تراها تنفعه وتلائمه من بنات الجيران؟

وقد كنت أسكن في حدائق القبة في ضاحية كالقرية الريفية في كل شيء، ومنه - بل أهمه - الأمهات المتطوعات والخطيبات «المزعومات» ...

وكانت لي خطيبة منهن لم أخطبها، ولم أتحدث إليها، ولا إلى أحد من أهلها في حديث زواج ... وكانت لها صاحبة لعوب في مثل سنها متزوجة من بعض ذوي قرباها، قالت لي ذات يوم: إن فلانة لا تأتي إلى ناحيتك في هذه الأيام؛ لأن صويحباتها يعاكسنها ويسمينها خطيبة «أبو طويلة»، ولا تغضب هي من هذه التسمية، بل تقول لهن مزهوة مستخفة: وما له أبو طويلة أليس خيرا من المساخيط؟ ...

ولم أشأ أن أجيب الفتاة اللعوب جوابا يكسر خاطر الخطيبة التي لم أخطبها، ولم أشأ كذلك أن أجيبها جوابا يربط الخطبة المزعومة ويؤكدها! ... ولم أزد على أن قلت: شكرا للفتيات العابثات، فقد أحسن والله الاختيار والانتقاء ... ولو كان في نيتي أن أتزوج أو أخطب لما وجدت في الحي زوجة أجمل في صديقتك الحسناء ...

قالت: كأنك في غير هذا الحي تجد من تخطبه؟

قلت: ولا في غير هذا الحي ... ولكنني الآن في شاغل عن الزواج ... أفلا ينبغي أن أعول نفسي قبل أن أفكر في زوجة أعولها؟

وكأنها خطبة قد انعقدت بهذا الحوار، وكأنه حق مكتسب للسؤال عن الحركات والسكنات، وعن المبيت في المسكن وغيابي عنه بعض ليال ...

نامعلوم صفحہ